قدّس الكسل وعشق الفرنسية.. من هو ألبير قصيري؟
الفيلسوف الكسول والمصري الذي كتب الفرنسية واحتفظ بوطنيته في كتابه، وعاشق البسطاء والمدافع عن المهمشين.. إنه ألبير قصيري الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم، 3 نوفمبر عام 2008، على سرير غرفته بباريس، كما تمنى.
ولد ألبير قصيري في حي الفجالة بالقاهرة عام 1913، ويعود أصل والديه إلى الشوام الروم الأرثوذكس، وتلقى تعليمه في فرنسا حينما غادر القاهرة عام 1945، وحتى وفاه لم يعد إليها قائلًا: لأن كل الذين أعرفهم قد ماتوا.
لم يهجر الأديب المصري وطنه، بل عبر عنها في كتاباته كلها، كتب عن القاهرة ودمياط والإسكندرية والبسطاء، ولكنه فضل الفرنسية، اللغة التي لطالما عشقها واهتم بها، حتى حين وفاته كان يكتب عن أم كلثوم في فيلم تسجيلي، ورواية لم تكتمل تركها بجانب فراشه في الغرفة التي احتوت وحدته لمدة 60 عامًا.
لماذا تبنى ألبير قصيري منطق الكسل؟
عاش بعيدًا عن الشهرة والموضة وكل أشكال الحياة المثالية، وكتب بأسلوبه الخاص رغم مرافقته كبار الكتاب الفرنسيين أمثال جان بول سارتر، وألبير كامي، وهنري ميللر، الذي شهد مقهى كافيه دو فلور 15 عامًا من تاريخ عظمتهم وسهراتهم الأدبية.
ويقول ألبير قصيري: حين نملك في الشرق ما يكفي لنعيش منه لا نعود نعمل، بخلاف أوروبا التي حين نملك ملايين تستمر في العمل لتكسب أكثر، تعود على الكسل لأنه لم ير أحدًا من عائلته يعمل، حيث كانوا يعتمدون على العائد المادي من الأراضي والأطيان الزراعية التي كانوا يملكونها في مصر، لذا شجع حياة الهدوء والسكينة، ولم يعمل كثيرًا حتى في الكتابة، وكان يخرج لنا من كل عقد برواية، بواقع 8 روايات كتبها في حياته.
وكتب ألبير قصيري في مصر قبل أن يرحل منها، قال عن نفسه؛ حيث صدر له ديوان شعري نشر بالقاهرة عام 1931 يحمل اسم لسعات تميز بالأناقة الفكرية والأسلوب السهل، كما صدر له مجموعته القصصية الأولى عام 1941 بعنوان بشر نسيهم الرب، إنه كاتب مصري يكتب بالفرنسية.
وتوالت أعماله بعد ذلك وقد ترجمت إلى 15 لغة من بينهم اللغة العربية، منها بيت الموت المحتوم عام 1944، تنابل الوادي الخصب 1948، والعنف والسخرية عام 1962 الذي حوّل إلى فيلم من إخراج أسماء بكري، شحاذون ومتغطرسون، طموح في الصحراء عام 1984، مؤامرة مهرجين عام 1975، موت المنزل الأكيد عام 1992، ألوان النذالة عام 1999 وهي آخر أعماله التي نشرت.