الجنرال والشاهد.. هل كتب المشير طنطاوي مذكراته؟| التفاصيل الكاملة
كتابة المذكرات من التقاليد الدائمة لقادة القوات المسلحة المصرية تاريخيًا بداية من اللواء سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر عام 1973، والمشير محمد عبد الغني الجمسي الذي شغل منصب وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة، ومنصب رئيس الأركان حرب القوات المسلحة، والفريق عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث في حرب أكتوبر، والفريق أول محمد فوزي وزير الحربية الأسبق.
وفاة المشير محمد حسين طنطاوي عن عمر ناهز الـ85 عامًا بعد رحلة طويلة وفارقة، يفتح الباب للسؤال عن مصير مذكرات وذكريات الرجل، ولما لا وهو الذي شارك في كتابة تاريخ مصر الحديث من كونه أبرز قادة حرب أكتوبر 1973 إلى تدرجه في أهم المناصب العسكرية في مصر من قيادة الجيش الثاني الميداني إلى قوات الحرس الجمهوري، إلى رأس السلطة العسكرية في مصر عندما أصدر الرئيس محمد حسني مبارك قرارًا بتعيينه قائدًا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع في 1991 برتبة فريق ليرقيه بعدها بأشهر قليلة إلى رتبة الفريق أول وفي 1993 إلى رتبة المشير.
المشير طنطاوي صاحب المدة الأطول في منصب وزير الدفاع كان شاهدًا ومشاركًا على مراحل فارقة في تاريخ مصر خلال السنوات الماضية خاصة مع ثورة الخامس والعشرين من يناير عندما سجل موقفًا إيجابيًا بالانحياز إلى إرادة الشعب، مفضلًا عدم تدخل القوات المسلحة في صياغة سير الأحداث إلى أن قرر الرئيس مبارك التخلي عن منصب رئيس الجمهورية، وتسليم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة طنطاوي.
ومع تولي طنطاوي السلطة مرت مصر بالعديد من الأحداث الفارقة التي كانت ستعجل من مذكراته كنزًا تاريخيًا لا يناظر في قيمته، فصاحبها كان شاهدًا في العديد من الأحداث مثل محمد محمود، ومجلس الوزراء، وأحداث ماسبيرو، وأحداث العباسية، ومسرح البالون، واستاد بورسعيد، إلى حادثة رفح الأولى التي أتخذها نظام جماعة الإخوان المسلمين ذريعة للإطاحة بطنطاوي من منصبة في 12 أغسطس 2012 مع رئيس أركانها الفريق سامي عنان.
اعتزم كتابة مذكراته
نعود إلى عام 2012 وبالتحديد في الرابع من نوفمبر ولم تمضِ سوى أشهر على إقالة طنطاوي من منصبة من قبل الرئيس المعزول محمد مرسي، فضل خلالها الابتعاد عن المشهد أو التعقيب على ما يجري من نظام الإخوان المسلمين ظهر طنطاوي في حفل زفاف كريمة اللواء ممدوح عبد الحق جالسًا على أحد الموائد إلى جوار الكاتب الصحفي مصطفى بكري، وعدد من المقربين منه لتكشف بعض وسائل الإعلام تفاصيل ما دار على تلك المائدة فيما بعد.
طنطاوي خلال اللقاء أكد أنه بالفعل بدأ يفكر بقوة في كتابة مذكراته في ظل تصاعد مطالبات أصدقائه وزملائه العسكريين السابقين، وأوضح أن مذكراته ستشمل رصدا دقيقا خلال فترة الثمانية عشر يوما منذ انطلاق الثورة وحتى قرار تنحي مبارك، والاتصالات والمشاورات وما دار خلال الاجتماعات سواء في قصر الرئاسة حينها أو خارجها.
وكانت المذكرات ستتطرق بالفعل إلى وموقف القوات المسلحة التي انحازت تماما للشعب في ثورته، والخطط والتهديدات التي واجهها المشير أثناء قيادة المجلس العسكري للبلاد، ومدى تحمله لهذه العواصف الخطيرة للعبور بالمرحلة الانتقالية إلى بر الأمان.
وذكر المشير خلال اللقاء أن مذكراته ستكشف عن الكواليس التي جرت داخل القصر الجمهوري، والاتصالات والاجتماعات التي جرت خلالها مع القوى السياسية العلني منها والسري، كما ستتناول الاتصالات والمشاورات بين مؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة، والتي أدت في نهاية المطاف إلى إعلان مبارك تخليه عن منصبه كرئيس للبلاد.
وألمح طنطاوي إلى أن مذكراته ستكون بإحدى وسيلتين، الأولى تدوين النقاط الرئيسية، على أن يصيغها صحافي كبير، أو أن يسجلها، على أن يتم تفريغها وصياغتها أيضا على يد صحافي كبير، موضحًا أنها ستضم فصلين كاملين من المذكرات تكشف نص الحوارات التي دارت بينه وبين مبارك خلال ثورة يناير، وكذلك رأيه في نجل الرئيس السابق جمال مبارك، ودوره في إحباط عملية التوريث.
لكن هل أتم طنطاوي الأمر الذي اعتزمه من كتابة مذكراته؟
الكاتب الصحفي مصطفى بكري الذي كان شاهدًا على ذلك اللقاء الذي أشار فيه طنطاوي إلى اعتزامه كتابة مذكراتهـ إلى جانب أن علاقة قوية ربطته بالمشير، كشف لـ القاهرة 24، مصير قيام المشير طنطاوي بكتابة مذكراته أو امتناعه عنها.
بكري ذكر أن المشير طنطاوي كان يرفض فكرة كتابة المذكرات لأنه عندما طالبه بإجراء حوار تلفزيوني قريب للمذكرات، معه رفقة ياسر رزق وصلاح منتصر، وافق طنطاوي بالفعل ولكن اعتذر بعد ذلك فهو لو يكن يحب الحديث على الإطلاق حتى أنهم كادوا أن يطلقوا عليه الرجل الصامت.
وأضاف أن المشير طنطاوي لم يخبره أنه يعتزم كتابة المذكرات فأي وقت من الأوقات.
التاريخ لا يكتبه أصحابه
اللواء دكتور محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، كان صديقًا مقربًا للمشير طنطاوي، سأل عن كتابة المشير طنطاوي لمذكراته فنفى الأمر، مستشهدًا أنه له مقولة كان دائم يرددها «التاريخ لا يكتبه أصحابه ولكن يكتب عنه بعد أصحابه».
وبالفعل يبدو أن المشير طنطاوي فضل الرحيل دون أن يكتب مذكراته أو يفصح بما لديه من أسرار لأحد، مفضلًا أن يكتم شهادته عن أحداث كانت فارقة في تاريخ مصر لم يكن هو شاهدًا عليها أو قريبًا منها بقدر ما كان مشاركًا في صياغة تفاصيلها وفعالًا فيها.
لكن طنطاوي ترك للآخرين مساحة واسعة للكتابة عنه وفي وقت كان يستطيع فيه أن يعيق ما وصل إلى 3 كتب أصدرت تتناول العديد من التفاصيل التي تتعلق به.
مصطفى بكري ذكر لـ القاهرة 24، أنه سيصدر طبعة جديدة من كتابه لغز المشير، تحتوي على معلومات إضافية وجديدة، عن مسيرة المشير منذ التحاقه بالكلية الحربية، وحتى انتهاء خدمته بالقوات المسلحة كما يجيب على التساؤلات المطروحة، عن أهم فترة تاريخية عاشتها مصر، وواجهت فيها تحديات خطيرة، موضحًا أن الكتاب يقع في 480 صفحة.