السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

دفن رؤوس في الرمال أم بحث عن نجاة.. كيف غيّرت صراعات 20 عامًا نفوس العرب تجاه بعضهم البعض؟

إعلان مشهور يصف حال
تقارير وتحقيقات
إعلان مشهور يصف حال المنطقة العربية
الأربعاء 22/سبتمبر/2021 - 11:18 م

شهدت المنطقة العربية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كثيرًا من الحروب والصراعات على جميع المستويات، حيث واجه الملايين من الشعوب العربية المجاعة والمرض والهجرة والتفكك الأسري، فمستويات البؤس عميقة ودائمة لدرجة أن ذاكرتهم تنتقل من جيل إلى آخر، ومن هذا المنطلق نحاول الإجابة عن سؤال: كيف ينظر العرب إلى جيرانهم والشعوب الغربية الأخرى وصُنّاع القرار المحلي والعالمي بعد مرورهم بهذه الأحداث الجليلة؟

وبناءً على ذلك تواصل القاهرة 24 مع كثير من المحليين العرب الاجتماعيين والنفسيين والسياسيين للبحث عن تداعيات التعرض المنتظم للعنف العرقي أو السياسي على سلوك الشعوب، حيث إنَّ تأثير التاريخ ليس عابرًا ولكنه طويل الأمد، فالعنف والأحداث التي شهدتها المنطقة مثل المرض المعدي الذي يصيب الجميع. 

استمرار التغيرات الاجتماعية وتدمير الثوابت الدينية

وفي هذا الإطار، يرى الدكتور طه أبو الحسن، أستاذ علم الاجتماع، أن الوجود الأمريكي لا يرتبط بأحداث 11 سبتمبر عام 2001، فالعبث بمقدرات المنطقة أمر سيحدث لا محالة، غير أنه علينا تقبل أحداث الحادي عشر كما هي في ظل التفاعلات الدولية معها الإعلامية أو الاستخباراتية سواء أكانت حدثت بفعل فاعل من قبل الكيان الصهيوني أو أطراف أخرى.

ويقول أستاذ علم الاجتماع: إن الحضور الأمريكي موجود منذ سنوات خاصة قبل 11 سبتمبر حتى وقتنا الحاضر، وهناك تخطيط مستقبلي منذ زمن بعيد مبنيّ على محاور عدة منها: إفساد المرأة، إفساد المنظومة الأخلاقية المتصلة بالدين الإسلامي (الثوابت الأخلاقية المعروفة)، تدمير المجتمعات العربية خوفًا من عودة الأمة العربية لقيادة العالم مرة أخرى، وحصر المال في عائلات محددة داخل المجتمع العربي.

أحداث الحادي عشر من سبتمبر

يشرح الدكتور طه أبو الحسن قائلًا: بناءً على هذه التغيرات أدى الحال إلى هجرة كثير من العرب إلى أراضي الدول الأوروبية للبحث عن لقمة العيش وراء البحار والمحيطات، كما تغير التكوين العائلي القائم على الزوج والزوجة والأبناء وتغير شكل القدوة، وضُرب الثابت للأسرة العربية والإسلامية من خلال إهانة الأم وإهانة رموز العِلم، فضلًا عن حصر المعاني السامية في أشخاص غير مؤهلين. مؤكدًا أنَّ هذا التغيرَ الاجتماعي أدّى بِنا إلى ظهور الابن المتعاطي أو الابن غير السوي، وتغيرت صورة المجتمع من الإيجابية إلى الصورة السلبية، ولا ينفصل ذلك عن اللعب على تدمير الصحة والتعليم ومكوناتهما، ونشر الفساد في بعض الحكومات العربية؛ حتى يَسهلَ ضربَ المجتمعات العربية بأسهل الطرق بعيدًا عن الأمور العسكرية والحربية.

الاحتماء بورق التوت

الدكتور طه أبو الحسن، أستاذ علم الاجتماع، حاول تفسير الوضع الاجتماعي للمنطقة العربية خلال السنوات الماضية، وفي هذا الأمر من المهم التواصل مع خبير نفسي وهو الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، الذي استعان بالرُّؤية الأمريكية الخاصة بالشرق الأوسط الجديد، على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس عام 2006 حين قالت: «نحن نريد شرق أوسط جديدًا ونريد إسلامًا يتناسب معنا».

استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية رأى أن أمريكا صدَّرت الإرهابيين على أساس أنهم مسلمون وعرب، مؤكدًا الدعم اللوجيستي والعسكري لتلك الجماعات المسلحة الذي أدَّى إلى تدمير أقوى الجيوش في المنطقة مثل الجيش السوري والعراقي وتدمير دول عربية أخرى مثل ليبيا واليمن أو بالأحرى الدول التي تحاول أن تواجه الاستعمار الأمريكي، بالإضافة إلى محاولة تدمير الجيش المصري.

الدكتور جمال فرويز يقول إن هناك محاولات لتدمير الإسلام - الذي كان منتشرًا بشكل قوي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر  - عبر تصدير فكرة أن المسلمين إرهابيون وقتلة وأنهم يكرهون شعوب الدول الغربية وصناعة ما يسمى بالإسلاموفوبيا، بالإضافة إلى الاستعانة بالجماعات التي تدّعي أنها حاملة لواء الإسلام أو المدافعون عن حقوق الإسلام والمسلمين، مع التعاون مع المتشددين دينيًا والمتطرفين الذين ظهروا على السطح والأفق مثل: داعش والقاعدة، فضلًا عن بعض الأنظمة العربية الحاكمة التي ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية في مخططها؛ حتى وصلنا إلى ما آلت إليه الأمور من سوء.

هذا الأمور أدَّت إلى سوء معاملة الغرب للمسلمين، حيث إن الأطباء والمهندسين والمعلمين الذين يرغبون في التعلم في الجامعات الأمريكية والأوروبية يجدون سوء معاملة من شعوب هذه الدول بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حتى الآن على العكس من المعاملة التي كان يتلقاها العرب خلال فترة التسعينيات، وفق قول استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية.

الدكتور جمال فرويز رأى أن شكل المنطقة العربية تغير كاملًا، وصُنع جيل جديد من العرب عبر الملحدين والمتشددين، بالإضافة إلى العمل على كراهية الأديان عبر التنظيمات المتشددة التي جعلت غير المسلمين يكرهون العرب جميعًا، مؤكدًا أن زرع الفتن داخل المنطقة العربية جعل الشعوب تهتم فقط بمصالحها وشئونها وأمورها الداخلية دون الاهتمام بجيرانهم العرب؛ حتى ظهرت بعض الدول العربية تحتمي بالولايات المتحدة الأمريكية، غير أن هناك دولًا تحاول أن تحتمي بأي شيء أو كما يقال «ورق التوت» وهناك دول أيضًا استسلمت للضغوط الأمريكية.

غزو العراق أمر مختلف بالنسبة للعراقيين

اللواء الركن الدكتور محمد عاصم شنشل، الضابط السابق برئاسة الجمهورية العراقية ومدير المكتب الخاص للرئيس العراقي الراحل صدام حسين،  رأى أن ما حدث عبارة عن خذلان من العرب وفي الوقت نفسه عدم صدمة من إيران، فهناك من حاول إشعال الفتنة بين السنة والشيعة في العراق؛ وهذا ما رفضه الكثير من العراقيين والعرب وعملوا على وأد الفتنة وهناك مَن يريد أن يؤججها ويفتعلها مرة أخرى. 

الخبير العسكري والمحلل السياسي والاستراتيجي العراقي وعضو مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية رأى أن العراقيين خاضوا حروبًا كثيرة؛ ولكن غزو العراق كان أمرًا مختلفًا بالنسبة للعراقيين، حيث يرى الشعب العراقي أنه الأكثر ثقلًا على نفوسهم، فبعد غزو العراق عام 2003 حتى عشر سنوات بعد الحرب، شعروا بأن الإيرانيين يسيطرون على بلادهم في جميع النواحي بالتعاون مع أمريكا وإسرائيل؛ لذلك لجأ العراقيون إلى مخاطبة جيرانهم العرب خاصة دول الخليج ومصر والأردن. 

مرَّ العراقيون بكثير من الأمور المعقدة والنكبات؛ لذلك لم يهتزوا كثيرًا بأحداث ما يعرف بثورات الربيع العربي؛ وأرادوا الاستقرار لمصر بعد أحداث 2011؛ لكي يلجأ العراقيون إليها وقيادة المنطقة العربية مرة أخرى، فالعراقيون كانوا ينظرون إلى جيرانهم العرب بنظرة مثقلة بالهموم لأنهم لم يلمسوا روح التعاون العربي أو الأخوة العربية رغم تعاطف كثير من الشعوب العربية مع الشعب العراقي نظير ما مرَّ به خلال 18 عامًا مضت، وفق رأي شنشل.

مدير المكتب الخاص للرئيس العراقي الراحل صدام حسين رأى أيضًا أن الشعب الأمريكي يجهل كثيرًا من الأمور السياسية المتعلقة بصانع القرار الأمريكي أو ما يدور خلف الكواليس، مؤكدًا أن العراقيين ينظرون إلى الشعب الأمريكي على أساس أنه شعب جاهل، مضيفًا أن صناعة القرار في أمريكا هي صناعة صهيونية فهم يعرضون سياساتهم على صناع القرار الإسرائيلي ومن ثم يتم البت فيها وتنفيذها في محاولة للقضاء على الأمة العربية والإسلامية وطمس هويتهم وذلك قبل أحداث 11 سبتمبر وبعدها، فهذه الرغبة منذ 100 عام خاصة بعد إعطاء الضوء الأخضر لاحتلال فلسطين عام 1948 وتهجير العرب الفلسطينيين.

11 سبتمبر حدث تاريخي بين العرب والغرب.. والعراق يتألم

وعن الوضع في العراق الذي شهد حروبًا طاحنة وبات العراقيون معتادين على الوضع المتردي، رأى الأستاذ الدكتور عبد الكريم الوزان، الأكاديمي والباحث في مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية، أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر تمثل حدثًا تاريخيًا وسياسيًا واجتماعيًا بين الغرب والشرق خاصةً بين الغرب والديانات الأخرى تجاه الدين الإسلامي، فمن حيث الشكل والمضمون والأبعاد يُعدُّ هذا الحدث مرفوضًا دينيًا وإنسانيًا وحضاريًا واجتماعيًا، فالدين الإسلامي يرفض الإرهاب ولا يسمح بالإيذاء والاعتداء خاصة على المدنيين والآمنين؛ ولكن الحادث يُمثلُ للعرب والمسلمين نقطةً ضبابيةً، فالبعض يرى أنَّ هذا الحادثَ هو عمل مقصودٌ لغرض الإساءة للإسلام وبغرض تمهيد الطريق إلى مزيد من المشاريع الاستعمارية وتغيير خارطة الشرق الأوسط.

المحلل السياسي العراقي أكد أنَّ البعض يعتقدُ أن هذا العمل هو عمل فردي أو عمل جماعي لا يمثل الدين الإسلامي ولا العروبة، فالمسلمون دائمًا يميلون إلى السلام والحضارة والمودة، وهذا ظهر جليًا في علاقتهم بالدول الغربية، ولكن الحادث شكَّل بعد ذلك منطقة ألم في نفوس المسلمين، فهم يتألمون من ذلك ويرون أنهم قد اُستهدفوا وهم بُراء من الإرهاب والأعمال المتطرفة. 

غزو العراق

أحداث الحادي عشر من سبتمبر شملت كلَّ العرب - العراق ودول الخليج وباقي الدول العربية والإسلامية -  وانعكس هذا الأمر على الجوانب الاقتصادية للشعوب العربية كافة، حتى باتت الشعوب الغربية لا تطيق العرب؛ ما يتطلب من جميع وسائل الإعلام ودوائر صُنَّاع القرار السياسي والمنظمات الحقوقية والإسلامية في جميع الدول العربية إلى مخاطبة الرأي العام الدولي عبر توحيد الخطاب الإعلامي والدبلوماسي والسياسي لمحاولة محو الصورة الذهنية عن العرب عامة والمسلمين خاصة، وتعزيز فكرة أن العرب مسالمون وأن رسالتهم قائمة على السلام والتعايش، وأنهم لا ينتهجون أي نوع من العنف والإرهاب والتخريب وترويع الآمنين؛ وذلك بهدف رأب الصدع وتحسين صورة العرب أمام العالم أجمع والتقارب مع الحضارات الأخرى للعيش في سلام دائم، وفق قول المحلل العراقي.

الوزان يعتقد أيضًا أن العراقيين ينظرون دائمًا بألم إلى صُنَّاع القرار الأمريكي، فهم لا ينسون قصف العراق في تسعينيات القرن الماضي ولا ينسون غزو العراق عام 2003 وتسليمه على طبق من ذهب إلى النظام الإيراني، فهم ينظرون إلى أمريكا نظرة عتاب ونظرة ألم ويطالبون الآن باستعادة حقوقهم وكرامتهم وبلدهم الذي أضاعته أمريكا، أما الشعب الأمريكي فينظر إليه العراقيون على أساس أنه شعب صديق لا علاقة له بصناع القرار.

اللبنانيون متعودون على الحروب الاستخباراتية

لبنان لم يكن بمنأى عن الحروب التي خاضتها المنطقة العربية، حيث إنه واحد من أكثر الدول التي توجد على الأراضي اللبنانية أجهزة استخباراتية إقليمية ودولية وجعل البلاد ساحةً للحروب الاستخباراتية والدبلوماسية، وفي هذا الشأن من المهم الإجابة عن سؤال: كيف يرى اللبنانيون جيرانهم العرب والشعوب الغربية بعد تردي أوضاع بلادهم ومعاناتهم اجتماعيًا واقتصاديًا؟  

الدكتور مكرم رباح، الباحث السياسي اللبناني، يرى أنه بشكل عام ليس هناك أي نوع من الضغينة أو الكره للولايات المتحدة الأمريكية أو الشعب الأمريكي ولا حتى المكون الشيعي الذي يناصر حزب الله اللبناني وإيران التي تتدخل في شئون لبنان، فالشعب اللبناني منفتح على العالم العربي من حوله والشعوب العربية؛ وهذا جزء من ثقافة اللبنانيين؛ ولكن المشكلة الأساسية هي أنه خلال السنوات الماضية تم عزل لبنان عن محيطه العربي بكثير من الطرق. 

مرفأ بيروت

بشكل عام رأى الباحث السياسي اللبناني أن الشعوب العربية غير معادية للغرب وليس هناك من أي طرف يروج لسردية المعاداة للغرب كما هي موجودة عند بعض الأطراف، ويؤكد أن الصراعات الاستخباراتية التي حدثت داخل الأراضي اللبنانية بات الشعب متعودًا على هذه الأمور؛ حتى أصبحت الصراعات التي تجري داخل لبنان وخارجه شيئًا مألوفًا لدى اللبنانيين، وليس هناك أي تغيير في هذه الثقافة. 

كما رأى الدكتور مكرم رباح أن الشعب اللبناني رغم هذه التحديات الكثيرة، فإنه لا يزال يرى نفسه شعبًا منفتحًا على الغرب وعلى العالم العربي بشكل عام، ويؤكد أنه لا يملك أي لبناني ضغينة أو كُره نحو الغرب، إذ إنه هناك علاقات تاريخية بين لبنان والدول الغربية، غير أن ساكني منطقة جبل لبنان من أوائل المناطق اللبنانية التي هاجرت إلى العالم الجديد والولايات المتحدة الأمريكية، فهناك ارتباط عضوي ديني بين الغرب ولبنان وتحديدًا الكنيسة الكاثوليكية والمسيحيين اللبنانيين؛ ما أسَّس علاقات ودية تاريخية طويلة الأمد.

سوريا وأكبر هجرة في التاريخ.. حينما أغلق العرب أبوابهم أمام السوريين

أما سوريا التي لا تزال تعاني ويلات الحروب والتداعيات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية والديمغرافية، فإن الكاتب والإعلامي والباحث السياسي أحمد الهواس رأى أنه لم تكن سوريا بعيدة عن تداعيات 11 سبتمبر فقد غزت أمريكا العراق وأصبحت الدبابات الأمريكية على الحدود السورية.

حرب سوريا

ولكن فيما يتعلق بالشق الاجتماعي والنفسي، فإن السوريين على مدى عقود اعتادوا أن يفتحوا بلادهم وبيوتهم للأشقاء العرب، فقد عدُّوا الفلسطينيين جزءًا منهم وكذلك اللبنانيين في الحرب الأهلية والعراقيين بعد غزو العراق؛ ولكن حين وقعت المأساة السورية لم يجدوا ذلك، فقد أغلقت الدول العربية الأبواب بوجوههم، ووضعتهم دول الجوار في مخيمات لا تصلح للبشر، وهذا ما أدَّى بهم لركوب البحر واللجوء لأوروبا، وفق رأي الباحث السياسي السوري أحمد الهواس.

الكاتب والإعلامي السوري رأى أن المجتمع السوري تم نخره وتحطيم نسيجه الاجتماعي، وشهد أكبر هجرة في التاريخ، ويؤكد أن الشعب السوري إذا ما انتصرت ثورته وانتهت مأساته سيعيد حساباته في التعامل مع الدول العربية لا سيما أن بلده مليء بالخيرات والثروات، ولم يَعتدْ أن يغلق أبوابه في وجه العرب ولكن العرب فعلوا ذلك.

الأردنيون لا ينظرون بارتياح إلى الغرب والأمريكان

وعن الأردن الذي أصبح من أكثر الدول التي تستقبل لاجئين، فوفقًا لآخر التقديرات المحلية فإن مازن الفراية، وزير الداخلية الأردني، قال - بتاريخ 2021-06-20 - إن عدد اللاجئين في الأردن يتجاوز 3.5 ملايين شخص وبنسبة تتجاوز 35 في المئة من عدد سكان المملكة، مؤكدًا أن عدد اللاجئين السوريين في المملكة يبلغ نحو مليون و360 ألف لاجئ، منهم 667 ألفًا مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لافتًا إلى أن الأردن هو الدولة الأولى في العالم في استضافة اللاجئين مقارنة مع عدد السكان.

وفي هذا الشأن يقول الدكتور حسن المومني، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، إن الولايات المتحدة الأمريكية في السياق الرسمي ركيزة أساسية ومؤثرة إلى حد ما في السياسة الخارجية الأردنية، فلا شك في أن هناك شراكة استراتيجية وعسكرية واقتصادية بين البلدين، ولكن في السياق الشعبي لا شك أنه بعد 11 سبتمبر أثر الأحداث في نفوس كل الشعوب، حيث إنها لامست قضية رئيسية في المنطقة وهي مسألة الدين الإسلامي والنظرة السلبية التي ينظر بها الغرب في هذا الاتجاه، بالإضافة إلى مسألة التدخلات التي حدثت من قبل الأمريكيين في المنطقة سواء كان في أفغانستان أو العراق.

لاجئون في الأردن

أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية يرى أن المزاج العام للشعب الأردني ناقدٌ للسياسة الخارجية الغربية والسياسة الخارجية الأمريكية على أساس أن الغرب والأمريكان لا تهمهم أخلاقهم وقِيمهم بما يتعلق بالسياسية الخارجية خاصة أن مسألة القضية الفلسطينية مسألة حساسة لدى الأردنيين الذين يرون أن التدخلات الأمريكية في المنطقة خاصةً القضية الفلسطينية والموقف الأمريكي التاريخي الذي يُفسر على أنه داعمٌ لإسرائيل على حساب الفلسطينيين ومسألة التدخل في الشأن العراقي واتباع استراتيجية الكيل بمعياريين، شكَّلت وأثرت في النظرة السلبية للأمريكان.

المحلل السياسي الدكتور حسن المومني رأى أيضًا أنه في مقابل ذلك على الصعيد الشعبي هناك كثير من الأردنيين ينظرون بإعجاب للنموذج الأمريكي بشأن الحياة الاجتماعية الأمريكية ومسألة الديمقراطية والحرية، فنعلم جيدًا أن الولايات المتحدة الأمريكية كقوة كبرى أثرت في العالم في الجانب الثقافي، ففي الوقت الذي نجد الأردنيين ينتقدون السياسية الأمريكية في الوقت نفسه نجد مَن يرغب في الذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

ويؤكد المحلل السياسي الأردني أنه بعد 11 سبتمبر لا شك أنها أثرت كثيرًا في نفوس الأردنيين خاصة بعد مسألة النزاعات والتدخلات العسكرية؛ لذلك أعتقد أن ما حدث أثَّر في المزاج العام في الأردن، وأثَّر في الواقع الاقتصادي والاجتماعي، فأزمات المنطقة شكَّلت تحديًا للأردن، وأثّرت في معيشة المواطن العادي، حيث إن هذه الأزمات أفرزت واقعًا اجتماعيًا فيما يتعلق باللاجئين، خاصة أن الأردن الآن واحد من أكبر الدول استيعابًا للاجئين؛ لذلك لا ينظر الأردنيون بارتياح إلى الغرب والأمريكان على أساس أنهم جزء من المشكلة لا جزء من الحل.

الليبي لا يثق في الإفرازات الدولية في ظل ازدواجية أمريكا وفوضى ليبيا

وعن الجارة ليبيا التي عانت كثيرًا من المليشيات المسلحة والمرتزقة الذين نهبوا خياراتها، فرأى عبد الستار حتيتة، كاتب صحفي متخصص في الشأن الليبي، أن أمريكا لم تعمل بشكل جاد لمحاربة الإرهاب في العالم، حيث إنها لديها أجهزة استخباراتية تستغل الجماعات الإرهابية والمنشقين عن حكومات بلادهم بشكل جيد وتُعيد تدويرهم للاستفادة منهم في مصالحها الخاصة؛ ما سبَّب في إحداث فوضى داخل المجتمعات العربية.

المتخصص في الشأن الليبي يؤكد أن المخابرات الأمريكية والأجهزة الاستخباراتية الغربية نجحت قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر في استغلال الأحزاب والأشخاص الذين يعملون ضد أوطانهم لإثارة الفوضى وهذا ما حدث في فوضى الربيع العربي؛ فهناك أشخاص يحملون الجنسية الأمريكية وهم ذو أصول عربية عادوا إلى الدول العربية محدثين فوضى ولعبوا دورًا كبيرًا في حمل السلاح والعمل على الإطاحة بالأنظمة القائمة وهذا ما حدث في درنة وطرابلس وبني غازي. 

حرب ليبيا

ولم يتمكن المجتمع الليبي بعد فوضى الربيع العربي من استيعاب هؤلاء فعادوا مرة أخرى إلى الخارج وبقيت القيادات التاريخية للأحزاب خاصة تنظيم الإخوان وجماعة ليبيا المقاتلة، هكذا يشرح عبد الستار حتيتة الذي أكد أن المواطن الليبي لا يثق في الإفرازات الدولية ولا يثق في الغرب؛ لذلك هناك نوع من المقاومة لدى الليبيين وهذا ما حدث في انتخابات عام 2014 حين أسقط الناخبون معظم المرشحين التابعين للجماعات المقاتلة، مشددًا على أن الشعب الليبي لديه نظرة صحيحة إلى حد كبير بشأن سياسة الدول الغربية التي لا يعنيها مصالح الشعوب؛ ولكن يعنيها فقط مصالحها الاقتصادية والسياسية. 

وبناءً على ما تقدم فإنه في ظل حالة الخراب بالمنطقة العربية ودون خطة واضحة وانقسام طائفي ونزاعات مسلحة وطموح مطلق للسلطة والمال وانقسام داخلي وتأثير خارجي؛ تتراكم هذه الأمور معًا على عجلة تدور حول نفسها وتؤدي في النهاية إلى المشكلات نفسها مرارًا وتكرارًا والتي خلَّفت شعوبًا عربيًا مدمرة على المستوى النفسي والاضطراب الاجتماعي؛ حتى باتت فريسةً سهلةً للتطرف والإرهاب والهجرة والتفكك الأسري واللجوء وكُره الآخرين عربًا وأجانب أو على الأقل نظرة ألم وحسرة.

تابع مواقعنا