وساطة تركيا بين السودان وإثيوبيا.. هل تلعب أنقرة دورًا جديدًا في أزمة الحدود وسد النهضة؟
فتحت تصريحات الدكتورة مريم الصادق المهدي، وزير الخارجية السودانية، الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلانها عن ترحيب السودان بوساطة تركيا لإيجاد حل للخلاف القائم مع إثيوبيا على الحدود في منطقة الفشقة.
قالت مريم المهدي إنه تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الخرطوم وأنقرة، مشيرة إلى أن السودان رحب بوساطة تركيا لإيجاد حل لأزمة الحدود بين السودان وإثيوبيا.
وقال خبراء ومحللون سياسيون من السودان، إن عرض تركيا الوساطة بين السودان وإثيوبيا يعود إلى علاقتها القوية مع أديس أبابا، مؤكدين أن هناك إصرارًا إثيوبيًّا على إنكار الحدود التاريخية مع السودان والاعتداء على الأراضي السودانية.
أكدت أسمهان إسماعيل إبراهيم، الباحثة السودانية في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، أن العلاقات التركية الإثيوبية تتميز بالعمق وتعود جذورها إلى فترة حكم السلطان عبدالحميد الثاني، موضحة أن إثيوبيا هي الأولى من حيث التبادل التجاري في القرن الإفريقي مع تركيا، وأن الاستثمارات التركية في إثيوبيا تعتبر هي الأضخم بعد تعاملاتها مع الصين.
أشارت الباحثة السودانية في تصريحات لـ القاهرة 24، إلى أنه من منطلق هذه العلاقة الوطيدة تقدم أردوغان بمبادرة لحلحلة التوترات الحدودية في منطقة الفشقة والتي تمتد لـ 168 كم بين السودان وإثيوبيا، حيث تنكرت إثيوبيا للحدود التاريخية التي رسمها المستعمر متضمنة منطقة الفشقة داخل حدود السودان، لافتة إلى أن السودان سمح للمزارعين الأمهرا بممارسة نشاطهم في أراضي الفشقة الزراعية لسنوات طويلة.
ولفتت أسمهان إلى أنه باستعادة الجيش السوداني لـ 92% من أراضي الفشقة توترت العلاقات واعتبرتها إثيوبيا أراضي إثيوبية، لا سيما وهي في حوجة ماسة لشركاؤها من الأمهرا في ظل الحرب الشرسة التي تدور بها مع قومية تيجراي وإعلان قومية أورومو الانضمام لهم مما يضعف موقف أبي أحمد.
ذكرت الباحثة السودانية أنه حسب العلاقات التركية الإثيوبية قد يلعب أردوغان دورًا محوريًّا في حل النزاع الإثيوبي السوداني أو قد يقرب وجهات النظر بين الأطراف بالرغم من أن ملف الخلاف بين الطرفين يبدو معقدًا جدًّا بسبب إصرار الجانب الإثيوبي على تنكره للحدود التاريخية بين البلدين وإصرار الحكومة السودانية علة استعادة ما تبقي من 8%من مناطقها في الفشقة.
ولم تستبعد المحللة السياسية السودانية فتح الباب أمام الأتراك لمحاولة رأب الصدع بين مصر والسودان وإثيوبيا فيما يتعلق بقضية سد النهضة، وذلك في حالة حل النزاع الإثيوبي السوداني حول الفشقة وديا، موضحة أن تطلعات تركيا التي لا تحدها حدود والتي تسعى للتوسع في شرق إفريقيا قد تكون عاملًا مشجعًا للدخول كوسيط لحل مسالة سد النهضة، وإن كان من الصعب التكهن بمدى نجاح أي وساطة في ظل تعنت آبي أحمد في وجه أي حلول، متابعة أنه يبقى الأمل معقود على قرار مجلس الأمن الذي أحال قضية سد النهضة للاتحاد الإفريقي والذي يدعمه آبي أحمد نفسه.
حسب وزيرة الخارجية السودانية الدكتورة مريم المهدي خلال مؤتمر صحفي، السبت الماضي، فإن السودان يعمل على تقوية العلاقات التاريخية مع تركيا، وتوسيع آفاق التعاون معها، موضحة أن زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لتركيا في أغسطس الماضي، كانت ناجحة حيث وضعت العلاقات بين البلدين في إطارها الصحيح.
ورأى الدكتور الحاج حمد محمد خير، المدير التنفيذي للمجموعة الاستشاريه للتنمية الاجتماعية والبشرية في السودان، إن الوضع الدولي فرض إعادة تركيا كممثل للناتو لممارسة أدوارا في منطقة القرن الإفريقي باعتبار تعويض أردوغان الذي يريد أن يوهم مواطنيه بعودة الإمبراطورية العثمانية وتم تحجيمه في أوروبا وفتح له طريق في هذه المنطقة.
أوضح الحاج حمد محمد خير لـ القاهرة 24، أن الاستثمارات التركية في إثيوبيا متزايدة، لافتا إلى أن أكثر من نصف الشعب الإثيوبي مسلم وخاصة الأورومو ويحتاج النظام لمثل هذا التوافق، خاصة مع محاولات تحجيم الدور المصري.
أشار المحلل السياسي السوداني إلى أن قوى الاستمرارية في السودان بما فيها المكون العسكري يقود التطبيع مع الإسلامين، لافتًا إلى أن تركيا تحولت لحاضنة علنية للإسلاميين للمساعدة في الخفاء.
اختتم الحاج حمد محمد خير بأن تركيا بطلب من البرهان إبان زيارته طلب أو عرضت عليه وساطه تركيا، وبالطبع سد النهضة في قلب صراع الحدود وخاصة أن اتفاقيه 1902 المنظمه للحدود بين السودان وإثيوبيا اعطت منطقة بني شنقول للحبشة مقابل عدم إقامة سدود إلا بموافقة السودان.