في ذكرى معركة عين جالوت.. رسالة هولاكو لقطز وكيف كان رده عليه
وقعت في مثل هذا اليوم 3 سبتمبر من العام 1260 المعركة الكبرى الحاسمة «عين جالوت»، بين الجيش المغولي وجيش مصر بقيادة المماليك، والتي انتهت بكسر شوكة المغول تمامًا، وتدمير أسطورتهم، بعدما تمكنوا من دخول معظم البلاد الإسلامية واستباحوها ودمروها، وأسقطوا الخلافة العباسية بقتل الخليفة المستعصم.
جرت عادة هولاكو قبل دخول البلدان وتدميرها، أن يرسل برسالة إلى الحكام المسؤولين عنها، يتهددهم فيها وينذرهم بالعقاب الشديد والقتل والفتك، والتدمير والعذاب، ويطالبهم فيها بتقديم فروض الولاء والطاعة له، وأن يسلموه بلدانهم دون مقاومة، وكان قد أرسل برسالة إلى سيف الدين قطز ينذره فيها ويحذره بالعواقب إن لم يدخل تحت طاعته ويعلن الولاء له.
بدأ هولاكو رسالته بالتعظيم والتفخيم في ذاته قائلًا «من ملك الملوك شرقًا وغربًا، القان الأعظم، باسمك اللهم باسط الأر ض ورافع السماء يعلم الملك المظفر قطز، الذي هو من جنس المماليك، الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم يتنعمون بأنعامه، ويقتلون من كان بسلطانه بعدد ذلك، يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية، إنا نحن جند الإله في الأرض، خلقنا من سخطه، وسلطنا على من حل به غضبه».
طلب من قطز بشكل واضح التسليم والخضوع، وعدم المقاومة، حتى لا يناله غضب هولاكو «أسلموا إلينا أمركم، قبل أن ينكفئ الغطاء، فتندموا، ويعود عليكم الخطأ، فنجن ما نرحم من بكى، ولا نرفق لمن اشتكى، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب، فأي أرض تأويكم، وأي طريق تنجيكم، فما من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا خلاص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وقلوبنا كالجبال، وأعدادنا كالرمال».
ويستكمل هولاكو وعيده بأن حتى الدعاء لا يجدي معهم ولن يمنع البلاء الذي سيأتي فوق خيولهم: «دعاؤكم علينا لا يسمع، فإنكم أكلتم الحرام، ولا تعفون عن الكلام، وخنتم العهود والأيمان، فأبشروا بالمذلة والهوان، "فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير حق وبما كنتم تفسدون" "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" فمن طلب حربنا ندم ومن طلب سلمنا سلم، فإن أنتم لشرطنا ولأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خلفتم هلكتم، فلا تهلكوا أنفكسم بأيديكم، فلا تطيلوا الخطاب، واسرعوا برد الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاها ولا عزا، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، والسلام عليكم وعلى من أطاع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع المالك الأعلى...
ألا قل لمصر ها هُلاون قد أتى.. بحد سيوف تُنتضى وبواتر
يصير أعز القوم منا أذلة.. ويلحق أطفالًا لهم بالأكبر».
قطز يرد على هولاكو ردًا حازمًا
كان رد قطز على عكس توقعات هولاكوا تمامًا، جاء رده حازمًا قاطعًا، معلننًا الحرب على المغول، بأن جاء برسل هولاكو، وضرب أعناقهم جميعًا، وعلق رؤوسهم على باب زويله، وترك صبي منهم، ضمه لمماليكه، وكانت فعلة قطز هذه ردًا على أفعالهم من قتل للنساء والأطفال ونقضهم للعهود وخيانتهم للبلاد والعباد التي أعطتهم الأمان، غير أن الرد كان على طريقة الرسل في نقل الرسائل وتكبرهم، وإحساسهم بالعظمة، ومحتوى الرسالة الذي كان مسيئًا إلى حد كبير.