سياسي فلسطيني يطرح مبادرة "كونفيدرالية رباعية" للأمن الفلسطينى.. ويؤكد: السيادة الجوية معبر لحل الصراع
- حماس تكرس الانقسام بمخاطبة ملوك ورؤساء الدول
- قطر هي راعية الانقسام الفلسطيني
- لا وحدة وطنية قبل بوادر "حل سياسي ممكن" للقضية الفلسطينية
- الحرب الأخيرة علي غزة وحدت الفلسطينيين.. والاحتلال وأطراف أخرى نسفوا الحلم
- إدارة بايدن أفضل من "ترامب" و"أوباما"
- كل أعضاء المنظمة يرون أنفسهم الأحق بخلافة "أبو مازن".. و قد يكون "مروان هو الحل"
شدد السياسي الفلسطيني المخضرم حسن عصفور، على أهمية الدور المصري في التهدئة وما تقوم به من خِدمة الشعب الفلسطيني على مر العصور، مؤكدا أن دحلان لن يكون خليفة أبو مازن إلا إذا تصالح مع فتح.
"القاهرة 24" حاور السياسي الفلسطيني، والذي أكد أن حرب الـ11 يوما الأخيرة، والتي صنعت نوعًا من الفخر الفلسطيني - هزت إسرائيل ووحدّت الشعب الفلسطيني، وأعادت القضية إلى محل الاهتمام.
وإلى نص الحوار..
إلى أين تتجه القضية الفلسطينية الآن؟
فلسطين الآن في مرحلة قد تكون الأصعب في تاريخ القضية منذ العام 1967، فبعد هذا العام الذي شهد انتصار إسرائيل في الحرب على دول عربية، كان هناك رد ثوري ونهوض للحركة القومية الفلسطينية، وعادت المنظمة (منظمة التحرير) وانطلقت الثورة الفلسطينية التي أعادت الحضور الفلسطيني.
وبعد اغتيال الخالد “ياسر عرفات”، دخلنا في دوامة انقسام أجهدت الحركة القومية الفلسطينية، ليكون الرابح الوحيد من هذا الوضع هو دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي فرضت مشروعها الاستيطاني على أرض الواقع دون ضجة وبسهولة.
والآن تتعامل إسرائيل مع الوضع وكأنه أمر واقع، حتى أنها وصلت - رغم الوعي العالمي الحالي لخطورة ما تقوم به من تمييز عُنصري وبناء مُستوطنات – إلى ارتكاب ما يبدو “جرائم حرب”، وربما الجرائم التي ارتكبتها في قطاع غزة هي ما أثارت ردود الفعل التي رأيناها على الساحة الدولية، وأظهرت خطورة الوضع، وهو ما حدا بمنظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، ولأول مرة في تاريخها، أن تكتب تقريرًا تتحدث فيه عن العنصرية في إسرائيل وارتكابها جرائم حرب، بالإضافة لنشر صحف أمريكية صورا لضحايا العدوان، وهذه الحالة لم تكن موجودة في السابق.
الوعي للقضية الفلسطينية العالمي، والمنظومة السياسية الفلسطينية ليست مُواكبة للدعم الخارجي، فلو كان أبو عمار (الرئيس الفلسطيني الراحل) موجودًا الآن لاختلف الوضع، وأكبر دليل على ذلك، عدم تقبل الرأي العالمي لبضعة أيام من القتال خلال العدوان الأخير على غزة.
وكما قال الملك عبد الله إن ما حدث كان جرس إنذار، وأظهر أن إسرائيل من الممكن أن تهتز بكل سهولة، لذلك بدأ جزء من اليهود يُدركون الخُطورة الحادقة بدولة إسرائيل من حُكامهم.
وعندما قدم بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، قال، إنهم يريدون دولة فلسطينية من أجل أن تبقى إسرائيل دولة ديمقراطية لليهود، وهذه نظرة عُنصرية، رغم أن 20% من سكان إسرائيل “فلسطينيين”، ولم يعطهم الوزير الأمريكي أي اعتبار واعتبرهم يهود.
كيف ترى الوضع الفلسطيني في ظل الانقسامات الداخلية بين فتح وحماس ودور السلطة؟
حرب الـ11 يوما الأخيرة، والتي صنعت نوعا من الفخر الفلسطيني - هزت إسرائيل ووحدّت الشعب الفلسطيني، وأعادت القضية إلى محل الاهتمام، ورغم ذلك وبدلًا من أن نخرج من الحرب بمكاسب سياسية للشعب الفلسطيني خرجنا بخسائر.
أما إسرائيل فقد لعبت على كلا الطرفين فزرعت الخوف عند فتح من أن حماس قادمة، وأخرجوا استطلاع تتفوق فيه حماس بنسبة 60%، الأمر الذي أرعب فتح، وبدأت إسرائيل تستغل ذلك، وتحاول إقناع حماس بأنها البديل، وبدأ إسماعيل هنيه يتصرف على أنه الرئيس، وبعث بعِدة رسائل للحُكام العرب والاتحاد الإفريقي، وهو ما يُعد تصرفًا غير مقبول، ما زاد من الانقسام بين الفلسطينيين، ليبدأ الشعب الفلسطيني في دفع ثمن السياسة بدلًا عن إسرائيل التي ربحت عربيًا، وارتبكت إقليميًا، وخسرت دوليًا، وهي المُعادلة التي كانت مقلوبة فيما مضى.
ما هو تقييمك للدور المصري في حرب الـ 11 يوم (سيف القدس)؟
مصر كان موقفها واضحًا ومباشرًا إزاء قرار وقف إطلاق النار وحتى إعادة إعمار القطاع، لكن إسرائيل بدأت في تحريض السلطة الفلسطينية على أن يكون التعامل من خلالها، فمنذ متى وإسرائيل تُعطي السلطة الفلسطينية حقوقها كاملة؟، فهي تخصم من أموال أُسر الشهداء، حتى تزيد الانقسام.
“حماس” من جهتها وافقت على الشروط الإسرائيلية، رغم أن شروط المنحة القطرية قبل الحرب كانت أفضل مما عليها بعد الحرب، إذ تضمنت الشروط الجديدة لهذه المنحة “عدم دفع أموال نقدية لأسر الشهداء والأسرى”.
والأهم من المنحة كان مفهوم الإعمار، الذي عملت إسرائيل على عرقلته مع السلطة الفلسطينية، وبذلك لم تستطع مصر أن تتقدم بسبب ارتباك السلطة، فالقاهرة كانت تستطيع تعويض قِطاع غزة اقتصاديًا بنسبة عالية جدًا، وإحلال مُنتجاتها محل المنتج الإسرائيلي عن طريق فتح معبر رفح.
لكن تقدُّم مصر توقّف، بسبب رفض السلطة الفلسطينية، ما قد يؤدي إلى رحيل القاهرة بسبب وجود خطورة، إلا إذا تحوّل مسار إعادة الإعمار إلى موقف فني، يتضمن إشراف مجلس من النقابات المعنية على الإعمار بالتنسيق مع مصر دون تدخل حماس والسلطة الفلسطينية، عبر مهندسين، نقابات ورجال أعمال، على أن يتولى المجلس التنسيق مع الحكومتين المصرية والفلسطينية.
هل تري وجود مصالحة قريبة بين فتح وحماس؟
لن يكون هناك وفاق بين فتح وحماس، بل إن المصالحة الآن تبدو أبعد مما كانت عليه في السابق.. فحماس تعتقد الآن أن لها “اليد” العليا، وأبو مازن يرى أنه خاسر، وإسرائيل بدورها نجحت في تغذية هذا الشعور عند الطرفين.
“حماس” تظهر أنها تريد خوض الانتخابات، وهي قد تنجح في الضفة، لكنها ستخسر في غزة، وهذه هي المُفارقة التي تُواجهها الحركة،
أما “فتح” فلن تعود إلى مكانتها كرقم أول.
ولا يوجد أي مُؤشر على وجود انتخابات، وأنا أقف ضدها بكل قوة، كما لا يوجد أي دليل على وجود اتفاق، فهو “كذبة”.. الاتفاق انتهى عمليًا مع الألفية الجديدة، ونظريًا مع العام 1996، بعد اغتيال إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق.
ماذا يدور الآن داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي، وما رأيك في حكومة نفتالي بينيت؟
كافة الاحتمالات واردة مع هذه الحكومة.. فالحكومة الأمريكية غير معنية الآن بالتصعيد، وإسرائيل حققت أغلب أهدافها، بالنظر إلى أن أكثر من 15% من الضفة تحولت إلى مُستوطنات.
وقضية القدس بعد قصة “الحرم” و"النفق"، تراجعت، حيث إنه لأول مرة يستخدم بينيت مصطلح "حرية العبادة" في الحرم، وليس مصطلح "الصلاة".. وحتى نتنياهو لم يستخدم المصطلح الأول، وهذا تهويد رسمي للحرم وليس فقط لحائط البراق والساحة، والأمريكان يرون أن الأمور على هذا النحو قد زادت عن حدها لأنهم يعرفون التمييز بين الاثنين.
المُواجهة التي بصددها حكومة بينيت الآن، هي الشيخ جراح وسلوان، بينما باقي المناطق لا يوجد بها أي مشاكل، فبينيت لم يعد لديه مشاكل أكبر حتى على صعيد “البعد القومي”، لذلك آن الأوان لإيجاد طريقة للحل، والذي هو غير ظاهر حتى الآن، فـ "الحل الممكن" لأمريكا وإسرائيل يقوم على:
• إجراء تبادلي أراضي بحدود 5.5 إلى 7%.
• اعتراف فلسطيني بأن حائط البراق منطقة يهودية يتمتع فيها اليهود بحرية العبادة، ما يمنع أن يكون للفلسطيني سيادة في الأسفل.
• سيادة رباعية بمشاركة "مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل" حول الحدود والسيادة الأمنية الجوية، لتكون الحدود بين غزة ومصر تعاون سيادي مشترك، وغور الأردن علاقة أمنية ثلاثيي، فيما السيادة الجوية رباعية مشتركة.
وقد يكون هذا هو الحل المُمكن في الإطار الرباعي، أي تأسيس "كونفدرالية أمنية رباعية" كما أطلقت عليها، وقد يكون هذا هو الحل الوحيد المُتاح في السنوات المُقبلة، وهذه أول مره أطرح فيه هذه الفكرة، وسيكون الوضع في قطاع غزة تحت سيطرة، إلى أن يتبلور مضمون "الحل المُمكن"، وبرعاية الرباعية العربية والدولية.
كيف تري الموقف الأمريكي من الأزمة في ظل إدارة بايدن؟
حتى الآن حديث قيادة بايدن إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أفضل حالًا من الإدارات الأمريكية السابقة في ظل ولاية ترامب وأوباما، فالصراع أصبح أكثر هدوءًا، وبالنسبة للوضع الفلسطيني لم تأت قيادة بايدن بجديد، بل تراجعت عن صفقة ترامب، وبدأت تتحدث مرة أخرى عن حدود 1967، والقدس غير إسرائيلية وعودة فتح القنصلية الأمريكية من جديد.
ما سبب تصاعد الصراع بالقدس في هذا الوقت تحديدا؟
الإسرائيليون يعتبرون أن كل بيت في المُناطق المحيطة بالقدس سيكون يومًا ما ملكًا لهم، بينما هذه الأراضي مملوكة لفلسطين والأوراق موجودة، والأردن كذلك لديها أوراق الملكية وقدمتّها للسلطة، فإذا كانت الحرب حرب أملاك، فإن فلسطين لديها أوراق ملكية لـ90% من أراضي فلسطين، ولن يبقى لدولة الاحتلال غير 10% من الأملاك، لكن المنطق المُتبّع هو منطق القوة وليس الملكية.
فمعركة الشيخ جراح خدمت فلسطين، والقضية بشكل غير مباشر، وأعادت النقاش على أصل القصة ومسيرة الأعلام الفلسطينية في “أم الفحم”، والتي لم تشمل كافة فلسطين ضد الأعلام الإسرائيلية، فالمقاومة ليست مُجرد صاروخ وسلاح، فهناك الكثير من الأحداث حركّت العالم دون استخدام السلاح، وأثبتت أن القضية لم تمت بعد ياسر عرفات، حيث إن ثلاثة حروب لم تحرك العالم مثلما تم تحريكها في الحرب الأخيرة التي استمرت 11 يوما، مثل "هبة السكاكين" التي انتهت بتقسيم الحرم القدسي، وأصبحت الخارجية الأمريكية تكتب "الحرم الهيكل" لأول مرة في العام 2018، لأن المنظومة الفلسطينية الأن مُنقسمة، وأخطر شيء على القضية هو الانقسام.
لماذا لم توحد الحرب الأخيرة الفلسطينيين؟
الأطراف الفلسطينية توحدت في حرب الـ 11 يوم الأخيرة، لكنها عادت أسوأ مما كانت بعد انتهاء الحرب، فهناك العديد من العناصر الداعية بشكل لكبير للوحدة وأكبرها وجود الاحتلال، لكن هناك عوامل خارجية تمنع الوحدة الفلسطينية.
وقطر تلعب الدور الأكثر تأثيرًا في الانقسام الفلسطيني، فهي التي رعت وحمت الانقسام، أما تركيا فتأثيرها في هذا الشأن ضعيف للغاية، وزيارة أبو مازن لتركيا لم يكن له تأثير.
فتركيا علاقتها مُمتازة بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وهناك تبادل معلومات أمني كامل وتبادل تجاري بأكثر من 6 مليارات دولار، فضلًا عن السياحة، والتحالف الأقوى في المنطقة هو التحالف التركي الإسرائيلي.
كيف ترى الصراع الإسرائيلي الإيراني في هذا التوقيت؟
إسرائيل يدها امتدت كثيرًا في سوريا، وأنا استغرب كيف تصمت روسيا على مثل ذلك، فإسرائيل لا تستطيع أن تصل إلى ما تصل إليه في دمشق وما بعدها حال رفضت روسيا، وإيران ليس لديها قُدرة الرد على إسرائيل سواء من لبنان أو سوريا، لكن الأفضل شعبيًا لإيران أن ترد من خلال ضرب سفينة دون أي حراسة في الخليج، ومن المحتمل أن تظل الأوضاع في تطور، لكن إيران لن تستطيع الرد، بالنظر إلى أن طهران لديها من الحسابات التي قد تكون كُلفتها نظام الحكم نفسه، خاصة في ظل العداء الإيراني مع كافة دول المنطقة.
أما علاقات إيران مع مصر، فهي إيجابية وهادئة، لكنها ليست ودية، فإيران خسرت كل الدول ما عدا سوريا، بسبب تدخلها في اليمن ولبنان وقصتها “حزب الله”.
إيران لا تُشعر الفاعلين في المنطقة بالأمان، وخسرت كل العرب، وقِصة شعار المُقاومة كوميديا، و"المقاومة الطائفية" سردية خاطئة، وهذا ما أقوله دائمًا لحماس: "نحن شعب فلسطيني فيه المسلم والمسيحي وكل الأطياف، فكيف ستحكم فلسطين وأنت طائفي؟".
وما تقوم به إسرائيل من تضخيم في قضية حاملة النفط هو مجرد غطاء، حتى في حال استخدمت القوة، تعرف كيف تظهر للعالم أنها “الضحية”، والشعب الفلسطيني هو من يدفع الثمن أمام المظلومية الإسرائيلية، فمن لا شيء أصبح خبر الناقلة هو الأكبر على مستوى العالم والمُتضرر الوحيد هو الفلسطينيين.
إلى أين تصل صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل؟
من الصعب الآن توقُّع إلى أين تصل هذه الصفقة، لكنها لا تزال قيد العمل ونجاحها مرهون بمروان البرغوثي.. هل يُراد خروجه أم لا؟، وقد يكون طلب خروج البرغوثي وراءه جهات أخرى للدفع به رئيسًا خلفًا لمحمود عباس.
وبالنسبة لحركة فتح، فالجميع داخل الحركة يرى نفسه صالح لتولي القيادة خلفًا لعباس في حالة عدم خروج مروان من السجن.