يخون يقينه.. شعر سيد عبد الرازق
ملأتَ الأرضَ أوهامًا وشَكَّا كأنَّ مشيجَ خلقِكَ كانَ إِفكَا
نساؤُكَ يشتهينَكَ كلَّ دمعٍ فكِتْفُكَ (حائطٌ) والحِضْنُ (مَبْكَى)
قِلاعًا كُنَّ قبلكَ حينَ مرَّتْ يمينُكَ في الجدائلِ صِرنَ دكَّا
تسمِّنُهُنَّ مِن كَلَإِ الأمَانِي لتَذبَحَهُّنَّ هِجرانًا وتَرْكَا
كَـ(موسَى) قد وقفنَ لكَ انتظارًا وجئتَ بـ(قبضةِ الآثارِ) شِركَا
فتكتَ بِهِنَّ حُسنًا مِن قريبٍ وحين بَعُدْتَ صِرتَ أشدَّ فتكَا
رفَـعْـنَكَ كعبةً في كلِّ عينٍ وحولكَ هُدبُهنَّ أقمنَ نُسْكَا
وكنَّ حَسِبنَ أنْ روَّضْنَ فَهدًا ومِنْ ترويضِهِنَّ نصبْتَ (سيركا)
تصوَّرتَ النِّسَا ساحاتِ حربٍ كأنَّكَ إِنْ ظفرتَ فتحتَ (عَكَّا)
قطفتَ النونَ نَعناعًا طريًّا تُيَبِّسُهُ لكي تُصلِيهِ فَركَا
عِناقُكَ في اللقاءِ يبُثُّ وَردًا وكفُّكَ في الفراقِ تدسُّ شوكَا
فتًى تبنِي بِهِ الأنثَى جحيمًا ويحلمُ أن يرَى فيهنَّ صكَّا
تُهيئهُ الحياةُ لعشقِ بنتٍ ستكشفُ ساقَها وتبيعُ مُلكَا
إذا ما شيَّدَ الأشعارَ صرحًا ونكَّرَ فقرَهُ لِتراهُ أزكَى
ومرَّتْ كالرِّياحِ على ثقابٍ ونظرتُها الجليدُ تزيدُ سُمْكَا
لِبرجِ حمامِهِ القرويِّ يهفُو وبنتُ البرجِ قد أعيَتْهُ سَفكَا
على (صَدَفيهِ) صبَّ حديدَ غيظٍ ومن (قِطْرِ) القساوةِ شدَّ سِلكَا
وألقى كلَّ عطرٍ(مريَمـِ)ـيِّ لِيعصِرَ من (زُلَيْخَا)ـهُنَّ مِسكَا
وأعفى مِن جنابَتِهِ دواةً تعوَّدَهَا سُلُوًّا إنْ تَشَكَّى
ليزرعَ في فناءِ الحرفِ فَخًّا فيثمُنَ صيدُهُ إن زادَ حبكَا
فإنْ شئنَ التغزُّلَ كانَ (أعشَى) وإن شئنَ التحرُّرَ كانَ (لوركَا)
يفرُّ مِنَ انفصامٍ لانفصامٍ يخونُ يقينَه ليطيعَ شكَّا
وما زالَ الفؤادُ كجَاهليٍّ يصيبُ أساهُ ورقاءً وأيكَا
يترجِمُ نفسَهُ في بيتِ شعرٍ تَنَهَّدُ كلُّ أنثَى حين يُحكَى
وهُنَّ كهُنَّ لا استثناءَ يغرِي يعشْنَ بدمعةٍ ويمتنَ ضِحكَا