الأحد 24 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قصائد عربية.. "كَفى بِكَ داءً" المتنبي

تمثال المتنبي
ثقافة
تمثال المتنبي
الإثنين 26/يوليو/2021 - 03:22 ص

كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا.
تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى
صَديقًا فَأَعيا أَو عَدُوًّا مُداجِيا.
إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ
فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا.
وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ
وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا.
فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى
وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا.
حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى
وَقَد كانَ غَدّارًا فَكُن أَنتَ وافِيا.
وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ
فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا.
فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها
إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا.
إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصًا مِنَ الأَذى
فَلا الحَمدُ مَكسوبًا وَلا المالُ باقِيا.
وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى
أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا.
أَقِلَّ اِشتِياقًا أَيُّها القَلبُ رُبَّما
رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا
خُلِقتُ أَلوفًا لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا
لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا.
وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحرًا أَزَرتُهُ
حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا.
وَجُردًا مَدَدنا بَينَ آذانِها القَنا
فَبِتنَ خِفافًا يَتَّبِعنَ العَوالِيا.
تَماشى بِأَيدٍ كُلَّما وافَتِ الصَفا
نَقَشنَ بِهِ صَدرَ البُزاةِ حَوافِيا.
وَتَنظُرُ مِن سودٍ صَوادِقَ في الدُجى
يَرَينَ بَعيداتِ الشُخوصِ كَما هِيَ.
وَتَنصِبُ لِلجَرسِ الخَفيِّ سَوامِعًا
يَخَلنَ مُناجاةَ الضَميرِ تَنادِيا.
تُجاذِبُ فُرسانَ الصَباحِ أَعِنَّةً
كَأَنَّ عَلى الأَعناقِ مِنها أَفاعِيا.
بِعَزمٍ يَسيرُ الجِسمُ في السَرجِ راكِبًا
بِهِ وَيَسيرُ القَلبُ في الجِسمِ ماشِيا.

أبو الطيب المتنبي، أحمد بن الحسين بن الحسن، المولود في عام 915، ولد بمدينة الكوفة، وتلقى بها تعليمه،  حيث كانت قبلة طالبي العلم في ذلك العصر، تميز المتنبي بإتقانه الكامل للغة، يقال أنه أفضل من استعمل العربية في شعره، وكان المتنبي محبا لنفسه، حتى أنك لو نظرت لأشهر قصائده التي كتبها في مدح أحد كمدحه سيف الدولة مثلًا ستجده مادحًا نفسه أكثر من ممدوحه، نال المتنبي شهرة واسعة في عصره، فكان مطلب الحكام والأمراء أن ينالوا رضاه ليمدحه.

توفي المتنبي مقتولًا بسبب هجائه لأحدهم، ويُقال أنه كان في طريقه للهرب والنجاة، فقال له أحد قتلته، وقال له أوليس أنت من قال: الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم، فعاد المتنبي بغروره الذي عرف عنه، ليواجه قاتله، فقُتل، عام 965. 

تابع مواقعنا