من معاناة الغربة إلى لعنة العودة.. فصول المأساة في حياة الزوج المخدوع
غادر “إبراهيم” منزلع في إحدى قرى محافظة المنيا متوجها للعمل في دولة ليبيا الشقيقة، بعد أن ضاقت به السبل في توفير لقمة عيش له ولأسرته الصغيرة، تاركا زوجته التي لم تُنجب رغم مرور عدة سنوات على الزواج.
وداوم الزوج على إرسال نقود لزوجته “نادية” كل شهرين مع سائق في أحد القرى المجاورة وظل طيلة الثلاثة أعوام الأولى من سفره على هذا الحال حتى انقطعت الأخبار والسبل.
توجهت الزوجة إلى السائق “عيسى”، تسأله عن أحوال زوجها الذي لم يرد خبره طيلة ثمانية أشهر مضت، فأخبرها السائق بأنه لا يعلم عنه شيئا، حيث أنه توقف عن العمل في مجال السفر ويعمل حاليا في مجالات أخرى تدر عليه دخلا كثيرا وباستطاعتها العمل معه متى أرادت.
عادت الزوجة شاخصة بصرها نحو منزلها مهمومة عابسة، لا تتحدث مع أحد ولا تجيب أحد، وقضت ليلتها تفكر عما أصاب زوجها وما هي طبيعة العمل التي عرضها عليها السائق، فهي التي باعت كل ما تمتلكه طيلة الأشهر المنصرمة على اختفاء أخبار الزوج.
غابت الزوجة لمدة أسبوع كامل ثم عادت بخطوات متثاقلة إلى عنوان السائق فالتقته خارج منزله متوركا لم ينعدل في جلسته وينغمس في تدخين حجر المعسل فألقت عليه التحية فأشار لها بالجلوس.
ظل السائق يخبرها برواية وقعت على مسامعها كالصاعقة “جوزك اتجوز في ليبيا وخلاص مش بيفكر فيكي لازم تشوفي نفسك انتي كمان”، جلست المرأة الثلاثينية تبكي وهمت بالمغادرة لكن السائق أمسك يدها وظل يتحدث معها برفق ليطيب خاطرها.
لانت الفتاة وهانت مع كلمات السائق صعوبة الخبر المؤلم، وظل يرسم لها خطة الحياة الجديدة إذ ارتباطت بأحد الأثرياء الليبيين الذين يترددون على منزله في القاهرة، وحياة الرغد التي تنتظرها في أحد عقارات شارع البحر الأعظم.
مر أسبوع حتى جاء موعد لقاء السائق بمحطة القطار وذهبت المرأة رفقة السائق، حتى وطأت قدماهما الشقة المأمولة وهناك كانت المفاجأة.
صوت صاخب وأدخنة كثيفة ورائحة مكتومة تجسم على الصدور، 3 رجال بدى من لهجتهم وملامحهم أنهم غير مصريين وسيدتين شبه عاريات، فهمت المرأة بالمغادرة لكنها لم تنجح فقد وجدت السائق وشخص أخر واقفا أمامها ممسكا مطواة في يده ومهددا إياها “هقتلك لو مشيتي”، فجلست المرأة رغما عنها.
ذهبت الفتاة طوعا إلى حياتها الجديدة وعاشتها كرها عنها، حيث سلكت “سكة الندامة”، وباتت ضمن فتيات الليل اللاتي يقدمهن السائق وشريكه للأثرياء من الليبيين والعرب في الشقة المستأجرة”.
استبدلت الفتاة كل شئ لهجتها وملابسها وطريقة حديثها حتى أسمها صار ليلى، وذاع صيتها حتى أنها نجحت خلال 3 أعوام في أن تصبح صاحبة كافتيريا شهيرة معروفة باستقطاب العرب والأثرياء وصاحبة الشقة التي جائتها منذ سنوات غريبة ذليلة مرغمة.
تزوجت المرأة، السائق الذي أغواها، وفي ليلة ألقت الشرطة القبض عليهما رفقة آخرين في شقة بجامعة الدول بتهمة ممارسة الرذيلة وتقديم الفتيات إلى راغبي المتعة المحرمة، وتم حبس الزوج القواد وزوجته.
مرت السنوات حتى عاد الزوج المختفي وفوجئ أهل القرية بأنه مازال على قيد الحياة فلقد أخبرتهم زوجته قبل مغادرتها القرية أنه مات أثناء العمل في دولة ليبيا وأخذت عزاؤه قبل أن تغادر القرية هي الأخرى قبل 3 سنوات.
ظل الزوج يبحث عن زوجته طيلة أشهر فلم يجدها، حتى التقاه أحد أبناء قريته وأخبره بأن زوجته ألقت الشرطة القبض عليها في قضية أداب وأنها غادرت تزوجت السائق الذي كان يرسل رفقته الأموال.
في الطابق الحادي عشر بمجمع التحرير حيث مقر الإدارة العامة لمباحث الأداب القديم، ذهب الزوج ليسأل عن ملف زوجته وما أن التقط المعلومات الأولى للمتهمة من جهات التحقيق أعد ملفا كاملا وذهب إلى محكمة الأسرة محركا دعوى قضائية ضدها ومبررا غيابه طيلة هذه المدة لتعرضه لحادث وضياع جميع أوراقه وأمواله.