كليب حلا شيحة.. وقُبلة حسين صدقي
الجدل الذي أثارته حلا شيحة، برفضها عرض كليب لها مع تامر حسني يحمل لقطات رومانسية؛ كوننا في العشر الأوائل من ذي الحجة، ولأسباب أخرى متعلقة بتغير قناعاتها تجاه الفن عموما، يعيد طرح السؤال مجددا: ما حدود حرية الفنان في التصرف بميراثه الفني؟
السؤال قديم وشائك، ويتجدد مع كل أزمة من هذا النوع، ولا إجابة شافية له.
فمفهوم الإبداع عند الغالبية العظمى، من النقاد ورجال الدين، والمبدعين، وحتى رجل الشارع العادي مختلَفٌ عليه.
قبل سبعين عاما رفض الفنان حسين صدقي تصويرَ مشهد يُقَبِّلُ فيه البَطَلَة في فيلم ( المصري أفندي ) لأنه سيقع في نهار رمضان وسيُفسد صيامه، وكأنه مسموح به في وقتٍ آخر!!
ثمة حالة من التناقض يقع فيها بعض الفنانين بشأن هذه القضية، وبينهم من يرفض عمل أحد أبنائه بالفن بسبب المشاهد الساخنة التي يتطلبها العمل أحيانا، حتى لو كان هو شخصيا منغمسا فيها، إما لاعتقاده بحرمتها أو لاصطدامها بقِيَمِه كرجل أو فتاة شرقية.
بعض الفنانين يعتبرون أعمالهم ملكية خاصة، لهم حق التصرف فيها كيف يشاءون.
حلا شيحة بدت وكأنها صاحبة الكليب المثير للمشكلة، رغم أنها جزء من العمل فقط، ويشاركها آخرون فيه، ومن ثم فليس من حقها التصرف منفردة، وتنتهى علاقتها بالعمل بحصولها على أجرها.
العمل الفني في معناه الواسع يحمل رسالةً للارتقاء بالمجتمع، وتغيير الواقع للأفضل، لكنّ نوعيةَ وشكلَ الرسالة، تبقى هي الأخرى ساحةً للخلاف، وما يعتبره البعض إسفافا، يراه المبدعون رجعية ووصاية على أعمالهم وهكذا.
بغض النظر عن قيمة ما تقدمه حلا شيحة، فالقضية أكبر من مجرد كليب صورته فنانة أو عمل إبداعي تراجعَ عنه صاحبه لسبب أو لآخر، وما يقدمه الفنانون على مر العصور يمثل ذاكرة وأرشيف مصر السينمائي وجزءًا من تراثها وقوتها الناعمة لا يقدر بثمن، ساهمت فيه أجيال كثيرة من المبدعين.
في كل الأحوال الفنان مثل أي إنسان، من حقه أن يراجع رصيده في الحياة بما في ذلك عمله، ويختار أسلوب حياته كيف يشاء، وأن يراجع مواقفه شريطة عدم الإخلال بحقوق المجتمع.