عمرو خالد يكشف العلاقة بين منزلة العبودية ومناسك الطواف والرجم في الحج (فيديو)
قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إنه يتعين على المسلم أن يستشعر مناسك الحج في حياته العملية؛ حتى يكرمه الله بالحج، واصفًا العشر الأوائل من ذي الحجة بأنها "أيام مباركات، وأغلى الأيام، وأحبها إلى الله، وهي دقائق من ذهب، ينبغي على كل مسلم أن يكثر فيها من الدعاء، والذكر، والطاعات".
وفي الحلقة السابعة من برنامجه لموسم الحج “منازل ومناسك”، تناول خالد، منزلة العبودية وكيف يعيش الإنسان المسلم بها وعلاقتها بعمارة الأرض والزراعة، ووجه الربط بين منزلة العبودية ومناسك الحج، وخاصة منسك الطواف ومنسك رمي الجمرات.
وعرّف العبودية بأنها "في اللغة هي غاية الحب مع غاية التذلل إلى الله، وتعني أن تعود إلى فطرتك، فلا تنس أصلك وحقيقتك، وعش معنى أنك عبد بالتواضع، والتذلل، والخضوع والخشوع إلى الله".
وأضاف خالد، إن منزلة العبودية هي العودة إلى الفطرة السليمة القويمة، وأن تعلم أنك عبد مملوك لله؛ فكلنا عباد لله: الوزير، والغني، والفقير، والملك، والمملوك؛ كلنا عبيد لله، وقد يقول البعض نحن نعرف أننا عبيد لله، وأقول إننا من كثرة ما علمنا هذه الحقيقة المطلقة؛ نسينا أن نعيش بهذه الحقيقة، ونعيش معناها ومضمونها، فإياك أن تنسى أنك عبد لله، ولا بد أن تمارس حياتك بهذا المفهوم، والبعض قد يتكبر أن يعيش عبدًا؛ فابتلاء بسيط قادر على أن يعيدك إلى أن تتذكر أنك عبد؛ قال تعالى: “يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأتي بخلق جديد، وما ذلك على الله بعزيز”.
الحج يذكرك دائمًا بهذه الحقيقة
وأوضح، أن الحج يذكرك دائمًا بهذه الحقيقة، وهذه الفطرة بأنك عبد وأن جميع الحجيج عباد لله؛ فتجد الجميع يرتدي ذات الملبس، وتجدهم يجتمعون في مكان واحد، وفي زمان واحد، وكلهم هدف واحد يريدون أن يرضوا ربهم، وكلهم يتحدثون بكلام واحد: لبيك اللهم لبيك، وهذه الأفعال كلها هي إقرار بحقيقه العبودية، فلا فرق بين ملك ومملوك، ولا بين رئيس، ومرؤوس، ولا غني، وفقير، الجميع عباد سواسية، فتجد جموع الحجيج يعيشون منزلة العبودية، فالجميع يبكون والجميع يتذللون إلى الله أن يغفر لهم ذنوبهم ويرحمهم ويعفوا عنهم، وكلهم يقرون بهذه العبودية.
واستدرك خالد قائلًا: "وللأسف تجد هناك بعض الأشخاص يظنون أنهم يملكون الدنيا ويرفعون أنوفهم على باقي الخلق وكأنهم الأسياد وغيرهم العبيد، مع أن الحقيقة أن الجميع عبيد لله، ورمزية رمي الجمرات هي أنك تفعل شيئا يقر بداخلك أنك عبد الله، بأنك تعادي الشيطان وتوالى الله، فتقول لبيك اللهم لبيك أي أنا قادم يا رب إليك، لبيك لا شريك لك لبيك، أنا قادم إليك وحدك أنت المتفرد بالعبادة فلا معبود بحق إلا أنت، لماذا؟ لأن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك».
العبودية ليست فقط تذلل إلى الله
ومضى قائلا: “العبودية ليست فقط تذلل إلى الله، ولكن العبودية أن تعبد الله على مراد الله منك كما يريد هو وليس كما تريد أنت، وكذلك العبودية تقتضي أن تعمر الأرض وهذا التعمير تجده في مناسك الحج عندما تنظر إلى الكعبة المشرفة، هذا الرمز الديني، هو أيضًا رمز للحضارة الإنسانية، وأول حضارة أقيمت في الأرض، قال الله عنها: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”.
الكعبة.. رمز بناء الحضارة الإنسانية
ووصف خالد الكعبة بأنها رمز العبادة بكونها قِبلة المسلمين، وكذلك رمز لعمارة الأرض لأنها بناء رفعه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وهي رمز بناء الحضارة الإنسانية”؛ قال الله: “إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين”، ولا بد أن تستحضر وأنت تنظر إلى الكعبة، وفي كل صلاه من صلواتك، هذا الإحساس أنك تعبد الله، وكذلك مأمور بعمارة الأرض فالإسلام يحث على عمارة الأرض، ومواجهة كل من يفسد الأرض.
وشدد على أن العبودية أن تعبد الله بتذلل فلا تتذلل لأحد غيره، وكذلك لا تتكبر على الناس، فقد جلسَ جبريلُ إلى النبيِّ فَنظرَ إلى السَّماءِ؛ فإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فقال جبريلُ: هذا المَلَكُ ما نزلَ مُنْذُ خُلِقَ قبلَ هذه السَّاعَةِ. فلمَّا نزلَ قال: يا محمدُ! أَرْسَلَنِي إليكَ رَبُّكَ؛ أَمَلَكًا جعلكَ، أَمْ عبدًا رَسُولًا؟ قال لهُ جبريلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يا محمدُ! فقال رسولُ اللهِ: لا بَلْ عبدًا رَسُولًا.
وأكمل: “فالعبودية تجعل الفطرة نظيفة فتسترد حقيقتك، وكذا الحج هو إعادة لفكرة العبودية وترسيخها في قلوب الحجيج، فهدف الحج أن تعود كما ولدتك أمك، وتسترد فطرتك وطبيعتك التي جبلت عليها، بأنك عبد وأكثر شيء يجعلك تشعر بمنزلة العبودية هي الزراعة، والأرض، والتراب الذي خلقت منه، فتعود نقيًا عبدا كلمة العبودية في اللغة هي غاية الحب مع غاية التذلل إلى الله”.
رسالة خاصة لجموع المسلمين
ووجه خالد في الختام، رسالة إلى جموع المسلمين قائلًا: “أكثروا من الدعاء وادخروا دعواتكم الكبيرة ليوم عرفة، وهذه الأيام المباركات يستجيب الله فيها الدعاء، ويمن على خلقه بالمغفرة والرحمة، ويقول النبي صلى الله وسلم فيما معناه: (أحب الذكر إلى الله في العشر الأوائل من ذي الحجة التهليل والتحميد والتكبير والتسبيح)، وهذه الأذكار تشملها الباقيات الصالحات: «سبحان الله» و«الحمد لله» و«لا إله إلا الله» و«الله اكبر» و«لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا: «إن الله اصطفى من الكلام أربعَا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» فأكثروا من الذكر في هذه اللحظات الغالية والأحب إلى الله".