ماذا قدمت نهاد صليحة للنهوض بالمسرح المصري؟
بعد إطلاق اسم الراحلة الدكتورة نهاد صليحة، الناقدة المسرحية الكبيرة، على المسرح المكشوف بأكاديمية الفنون، يبقى سؤال: ما الدور الذي قدمته نهاد صليحة للنهوض بالفن المسرحي خلال مسيرتها الثقافية؟
بدأت الناقدة المسرحية الكبيرة دراستها الأكاديمية في مصر، في قسم اللغة الإنجليزية، في كلية الآداب، وسافرت إلى إنجلترا، وحصلت على الماجستير اللغة الإنجليزية، إلى أن قررت العودة للمسرح الذي وقفت عليه كممثلة في كلية الآداب.
حصلت على الدكتوراه من جامعة إكسترا 1984 في المسرح تحت عنوان "مسرح لورد بايرون قراءة حداثية"، لتنطلق من بعدها في هذا الميدان الذي أثرته بأفكارها وكتابتها ومساهماتها.
تقول صليحة في أحد اللقاءات إنها أول مرة كتبت فيها النقد المسرحي، كان من خلال رسالة ترد فيها على الدكتور سمير سرحان، رئيس هيئة الكتاب، بعد أن أرسل لها نصًا مسرحيًا، وبدأت بعدها بالكتابة في مجلة الإذاعة والتلفزيون، ثم مجلة روزا اليوسف ومجلة المسرح، قائلة: “إنها كانت تمارس ثلاث مستويات من النقد في المجلات الثلاث، الدراسة التحليلية في مجلة المسرح، والمقال الطويل في مجلة الإذاعة، والملاحظات المكثفة في مقال قصير في مجلة روز اليوسف”.
تأثرت نهاد صليحة عندم كانت تدرس في إنجلترا بالمسارح المستقلة، وكانت منحازة لأجيال الشباب، وتوجه الكثير من أعمالها لهم، وكانت إحدى إهداءاتها في كتاب لها "إلى شباب الحركة المسرحية الواعدة في مصر"، وهي أول من أطلق مصطلح المسرح البديل، فتقول "المسرح البديل في مصر يختلف عن صنوه في الغرب، فالمسرح البديل في الغرب لا يزال بعد نشاطًا هامشيًا لا يشكل حركة فكرية وفنية نامية ومستمرة، فهو نشاط أقليات مثقفة لا تربطها صلات وثيقة بقاعدة شعبية عريضة، أما المسرح البديل في مصر فهو يعد بأن يصبح مسرح الفلاح والعامل والطالب والإنسان العادي، وهو مسرح يسير بخطوات ثابتة ليحتل مركز الحركة المسرحية في مصر" فكانت ترى أنّ المسرح البديل أو المستقل ليس كنظيره الإنجليزي، خاصًا بطائفة المثقفين المنعزلين عن الواقع والشارع، بل رأت أنه لا بد أن يكون مسرحًا للمواطن البسيط والفلاح والطالب وكل مصري، وهذا ما سار عليه المسرح المستقل المصري في الغالبية العظمى من موضوعاته".
كانت صليحة صاحبة الدور الكبير في تأسيس المسرح المستقل، ومهرجان "المسرح التجريبي" ليخرج هذا المسرح فرقًا وأجيالًا كثيرة من الموهوبين وأصحاب الرسائل، كما عملت في جريدة الأهرام ويكلي التي تصدر باللغة الإنجليزية، وتقول إنها رأت أنها بهذا العمل تعطي صورة للغرب عن المسرح المصري الذي لا يعرفوه إلا من خلال القليل من كتابات المستشرقين، أو بعض كتابات توفيق الحكيم.
نالت الدكتورة نهاد صليحة عديدًا من التكريم خلال حياتها حتى بعد وفاتها، إذ كرمها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1996 م، لجهودها في مجال المسرح التجريبي، كما كرمتها جمعية المسرحيين بالإمارات، وكرمها مهرجان أيام قرطاج المسرحية بتونس، وكرمها مهرجان أيام عمان المسرحية بالأردن، وكرمت بمهرجان الشارقة المسرحي، وحصلت على جائزة الدولة التقديرية عام 2013، والعديد من التكريمات المحلية والدولية، لما قدمته للمسرح وللنقد.