ابن الهيثم.. عبقري عصره وفيلسوف المجاذيب
في مدينة البصرة العراقية، في 1يوليو من العام 965م، ولد الفيلسوف الكبير وأشهر عالم مسلم، أبي علي الحسن ابن الهيثم، لأصل عربي على الأرجح، في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، أثناء ازدهار العلوم في فترة حكم الدولة العباسية، فنشأ في وسطٍ مليء بالعلماء في كل مجالات المعرفة، قوى ذلك عنده رغبته في العلم والاطلاع، اهتم ابن الهيثم بالفلسفة والهندسة والفلك والطب ووضع فيهم جميعًا الكثير من الكتب، يقول عنه البيهقي "الحكيم بطليموس الثاني أبو علي بن الهيثم، كان تِلو بطليموس في العلوم الرياضية والمعقولات؛ وتصانيفه أكثر من أن تحصى".
عاش ابن الهيثم طيلة حياته مغمورًا ولم يحظَ بالشهرة الواسعة إلى بعد وفاته، تحديدًا بعدما ترجمت أعماله ونُقلت إلى أوروبا، ذاع صيت ابن الهيثم كثيرًا، خصوصًا كتابه المناظر، والذي وضع فيه أساس علم البصريات الحديث، واحتوى الكتاب على فكرة الغرفة المظلمة، التي كانت السبب في اختراع الكاميرا الفوتوغرافية.
استدعاه الحاكم بأمر الله إلى مصر وكان في الستين من عمره، حيث كان معروفًا ببراعته في الهندسة، وطلب منه إنشاء سد على النيل، حيث كان يقول "لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملًا يحصل به النفع في كل من حالاته من زيادة ونقص" فلما ذهب إلى أسوان وجد استحالة تنفيذ فكرته، فقرر العودة إلى القاهرة وأخبر الحاكم بذلك، فكلفه ببعض الدواوين، لكنه أحس الخطر من الحاكم، فقرر أن يدعي الجنون، فعزله الحاكم بأمر الله في بيته، استغل عزلته في تأليف أهم مصنفاته، حتى توفي الحاكم، فخرج وعاش بدارٍ قرب الأزهر الشريف، وظل يُدرس العلم للطلبة حتى وفاته.
له الكثير من المصنفات في الهندسة والطب والفلك والفلسفة، يقال أنها فاقت الـ 200 كتاب، فقدت معظم هذه الكتب ولم يصلنا إلا القليل، ومن مؤلفاته الهامة: كتاب المناظر، وميزان الحكمة، وكتاب كيفية تحديد اتجاه القبلة، وتصويبات على المجسطي، وشكوك على بطليموس، ونموذج الكون، توفي ابن الهيثم عام 1040م، عن عمر ناهز الـ75 عاما، ويقال إنه توفي بالقاهرة، مُخلفًا وراءه طفرة كبيرة في علم البصريات الحديثة وغيرها من العلوم المختلفة.
