الأحد 24 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

"خيبة بالويبة".. ننشر جزءًا من كتاب "المسحة" المثير للجدل لأشرف الخمايسي (انفراد)

غلاف الكتاب
ثقافة
غلاف الكتاب
الخميس 01/يوليو/2021 - 05:25 ص

بعد أن أثار كتاب المسحة للكاتب أشرف الخمايسي، والذي يحمل غلافه صورة الدكتور خالد منتصر على "ورق تواليت" الجدل في الوسط الثقافي بين مؤيد ومعارض وصولا إلى تراجع دار المؤسسة عن نشر الكتاب، ننفرد بنشر سطور من الكتاب تحت عنوان "خيبة بالويبة"، وجاء كالتالي:-  

 

خيبة بالويبة

 

والخيبة ليست خيبة خالد منتصر!

"أومال" خيبة من؟

خيبة أملي طبعا. 

وأحكي لك.

دخلت غرفة عمليات الطبيب والمفكر خالد منتصر التي يعكف فيها على معالجة آفات المجتمع وأنا أظنها مجرد غرفة واحدة، فإذا بها عبارة عن جناح واسع من "شوية" غرف. 

غرفة لتدبيج المقالات، وأخرى لكتابة الكتب، وثالثة للقاءات التلفزيونية، والرابعة غرفة صغيرة مركونة "على جنب" للمنشورات الفيسبوكية، وملحق بالغرف الأربعة "تواليت" إفرنجي آخر مودة، ومخزن محدود وُضِعت فيه مجسات تربة وآلات حفر. 

أكيد سيتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ استفهام عجائبي متعلق بالعلاقة بين غرفة عمليات دكتور "مفكر" وبين مجسات التربة وآلات الحفر كما تبادر إلى ذهني. 

وقد بذلت مجهودا بحثيا كبيرا ـ مشاهدة وقراءة ـ من أجل الكشف هذه العلاقة الشاذة الغامضة، ونجحت في ذلك، وأعدك بأنني سأخبرك بالنتيجة في الفصل والورقة المناسبين.

وزي ما دخل (على بابا) مغارة الكنوز وصاح: ذهب ياقوت مرجان، ونظر محتارا بأي أركان الأموال يبدأ، دخلت جناح عمليات الطبيب خالد منتصر لمعالجة آفات المجتمع، وصحت: منشورات فيسبوك مقالات كتب وفيديوهات، أحمدك يا رب، ونظرت محتارا بأي الغرف أبدأ.

غير أني لم أسلم نفسي للحيرة طويلا، فقررت أن أبدأ بنظام وترتيب، من أصغر الغرف إلى الأكبر والأكبر. 

غرفة منشورات الفيسبوك المركونة "على جنب" هي أصغر الغرف. 

دخلتها، وطالعت بعض ما فيها من منشورات، فوجدتها ساذجة للغاية، مجرد كتابات سريعة بلغة ركيكة وأسلوب متهافت، فكرت في أنه ربما تفاهة الغرفة وصغرها تبهت على خالد منتصر فور دخولها، فيكتب منشوراته التافهة هذه. 

بعض محللي الكتابات يحرص على إبراز أهمية العلاقة بين الأجواء المحيطة بالكاتب وبين مستوى وجودة كتابته،. لكني لا أميل لهذا التصور النقدي (البريء) كتفسير لركاكة وتفاهة منشورات خالد منتصر الفيسبوكية. 

قرأت أن حكماء العرب الأقدمين قالوا: سوء الظن من حسن الفطن. 

والمثل الشعبي المصري قال: من فات قديمه تاه. 

وأنا مصري عربي، فحرضت نفسي على العمل بالمثل المصري لتنفيذ المأثور العربي كي أضخ كل ما في قلبي من سوء ظن تجاه الطبيب خالد منتصر. 

هكذا بأكبر قدر من سوء الظن سألت نفسي: لماذا لا يكون خالد منتصر خبيثا بالقدر الكافي الذي يجعله يدرك أنه ـ في هذه الغرفة تحديدا ـ يكتب لجماهير فيسبوكية ليست مهيأة لاستقبال الكتابات الدسمة العميقة، ولا لتلقي الثقافة الثمينة؟ 

 

هل انتبه الرجل إلى أن جماهير الفيسبوك لا تحتاج لأكثر من (كلام في أي كلام يا عبد السلام)، المهم أن يكون كلاما مثيرا لدرجة تجعلهم "يزيطون ويهللون". 

بل ليتهم لا "يزيطون ويهللون" فقط. 

ليتهم ينفجروا "زيطا وتهليلا" وصخبا وغضبا. 

ليتهم يقلبون الفيسبوك رأسا على عقب.

 

وقد لاحظت أن وتيرة الشد والجذب بين خالد منتصر وخصومه من جماهير فيسبوك تتصاعد؛ والسبب أبعد ما يكون من أن المنشور المنتصري يتمتع بمواصفات الفكر الثوري التجديدي الصادم. 

فأي فكر ـ مهما اختلف وشذ ـ يمكن التفاعل معه بدرجة من رحابة الصدر، لو تم طرحه بالأصول المرعية المعروفة، من "جدية" و"رصانة" و"موضوعية" و"احترام مشاعر الآخر".

منشورات الطبيب على الفيسبوك تخلو من جميع ذلك، بحيث لا يمكن اعتبارها أكثر من رسائل مستفزة كتبت عمدا على عواهنها، جردها الكاتب من جميع الضوابط الفكرية والأخلاقية، وحملها بقدر هائل من السخرية وإهانة المُخاطَب، وجميعها مركبات خطاب لا يمكن له الزعم بتوظيف الاستفزاز كوسيلة إحياء، يسلط صدمة كهربائية عالية الفولت إلى قلب أوشك على التوقف والعطب، إذ الاستفزاز في منشورات حالد منتصر من النوع السالب للروح، المستهتر بالأصالة، الماحي للخصوصية، والفاضح بعدائية وتشف للمثالب والعيوب. 

 

الاستفزاز، إذا زاد عن حده، يتحول من وسيلة تهذيب إلى أداة تعذيب.

لكن خالد لا يحفل إن كانت استفزازته تهذب أم تعذب؛ لأنه يلعب لمقاصد أخرى.

 

وجماهير الفيسبوك لا تفهم اللعبة المنتصرية ولا تعي مقصدها، تماما مثلما لا تفهم ثيران الحلبات الإسبانية اللعبة التي يمارسها "الميتادور" معها، فتسارع بمهاجمته كلما استفزها بهز قماشته الحمراء أمام أنظارها المترقبة. 

 

ومع كل هجوم للثور "الغبي" يقوم الميتادور الماكر بغرس سهامه القاتلة في جسمه، والثور يخسر حياته رويدا رويدا، والميتادور يربح التصفيق، والأموال، والمزيد من النجومية، والمزيد من الطلب عليه.

 

خالد منتصر يهز منشوره الفيسبوكي بوقاحة قاصدا استفزاز الجماهير، والنتيجة مضمونة، يثورون ثورة ثيران المصارعة، يملأون الفيسبوك بما كتبه الميتادور، يتردد اسم الميتادور ملايين المرات، ومهما هاجموه فإنهم لا يتمكنون من تغيير أسلوبه، ولا طريقته، ولا توجهاته، فقط يخسرون الجهد والوقت؛ أما الأخطر فهو أنهم يدفعون بالأفكار الاستفزازية الهشة إلى إطار الاعتياد الصلب، بحيث تصبح الأفكار الهشة الشاذة مع الوقت واقعا غير مستفز. 

 

ولو أن للثيران عقل يعي المراد لها، وبها، ما هاجمت الميتادور، فأفضل طريقة لدحر الميتادور هي عدم التجاوب مع استفزازاته المقصودة. 

لو أشاحت الثيران برؤوسها بعيدا عن منشوراته الصفراء لتحول خالد منتصر على الفور إلى شيء مهمل، ما يجبر مديري اللعبة على صرف اهتمامهم وأموالهم عنه؛ وربما عن اللعبة كلها.

 

تخيلوا معي حسرة خالد منتصر ـ وأي ميتادور يشبهه ـ إذا قررت جماهير الفيسبوك الانصراف عن استفزازه، وتركه نهبا للإهمال.

لكن جماهير الفيسبوك ستفهم ذلك عندما تفهم ثيران الحلبة الإسبانية. 

 

وسيظل الطبيب يهز منشوراته لهم، وهم يهاجمونه، تنعرس فيهم السهام، وتعلو أسهم الميتادور الفيسبوكي، أما بعض المتفرجين من رواد حلبة الفضاء الإلكتروني الأزرق فسيرقِّص كتفيه على أنغام موسيقى شعبية فيما يغني ساخرا: هز يا خالد هز، هز يا خالد هز. 

فعلها وائل غنيم، وهو يضيف ساخرا: "التنوير كسِّبنا كتير".

تابع مواقعنا