السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

"خالي من القلق"

الجمعة 25/يونيو/2021 - 07:21 م

•  بحسب آخر الدراسات النفسية البحثية تم اكتشاف إن أغلبنا لو ماكنش كلنا وبدرجات متفاوتة مصابين بنوع مبهم من مرض نفسي اسمه (الاضطراب القلقي).. الخوف المبالغ فيه من بكره، والتوتر الزايد عن الحد، والقلق حتى من مجرد خبطة باب؛ تفاصيل صغيرة بقت مسيطرة على ناس كتير في دوايرنا الصغيرة، وبتقرب يوم عن يوم مننا.. من أكتر من 50 سنة، وبحسب اللي اتكتب في جريدة "ديلي ميل" كان فيه طفلة اسمها "تيرى إلدرز".. "تيري" من وهي عندها 5 سنين كان مبدأها اللي ماشية بيه جملة من كلمتين: (ماذا لو؟).. قلق قلق قلق وتوتر مبهم مش مفهوم له سبب.. كان لما بييجي حد يزورهم في البيت وبمجرد ما تسمع رن جرس الباب تدخل أوضتها وتتكلفت بالغطا بتاعها وتنام في وضع الجنين.. تضم ركبتها على صدرها وتشبك دراعاتها حواليهم.. تقول لنفسها: (ماذا لو سألني أحدهم سؤالًا وأحرجنى؟).. هى أكيد مش بتكره الناس لإنها شخصية حبوبة ودمها خفيف؛ هى بس بتقلق من مواجهتهم.. طب ده أثناء زيارة الضيوف ليهم؛ هى كمان كانت بتحب تنام ونور الأوضة منور!.. طب ليه يا بنتي ما إنتي كده كده متغطية والدنيا ضلمة تحت الغطا.. لأ برضه أهو كده.. في أيام الدراسة الإبتدائية في الحى الريفى اللي ساكنين فيه في جنوب كاليفورنيا ماكنش الأهالي بيوصلوا أولادهم بالعربيات الخاصة بتاعتهم للمدارس لإن كلها 3 شوارع بس يعنى فمش مستاهلة؛ فكانوا بيكتفوا بالتنبيه عليهم زى عندنا في مصر ياخدوا بالهم وهما بيعدوا الطريق (بص يمين وشمال وإتأكد إن مفيش عربيات الأول).. العيال كلهم كانوا بيوصلوا بسرعة عشان بيكونوا مركزين إنهم يعدوا المسافة في أقصر وقت لكن الوحيدة اللي كان لها نظرية مختلفة هى "تيري" اللي كانت بتمشي على الرصيف واحدة واحدة في خط متعرج مش مستقيم وهى بتعد عدد الألغام الأرضية الخيالية اللي لازم تتجنبها عشان تفضل عايشة!.. حاجة كده شبه عندنا في مصر لما أغلبنا كنا بننقي حتت معينة بلون معين ندوس عليها من الرصيف أو الأسفلت (أبيض أو أسود).. حتى لما كبرت شوية وعزلت مع أسرتها وراحوا مدينة "أوريجون" كبر معاها القلق.. راحوا يصيفوا دخلت حتة زجاج في رجلها وهى ماشية على رمل البحر في الشط واتعورت.. نفسها تتسد من حتى مجرد التمشية على كورنيش البحر طول عمرها بعد كده!.. (ماذا لو جرحتني قطعة زجاج أخرى! لقد آلمنى الأمر حينها ولا أرغب في تكراره).. الدكتور في الكلية يقرر إن فيه أجزاء هامشية للتوضيح فقط مش هييجي منها الامتحان وهناك هما مش زى عندنا هنا ممكن الدكتور يشتغل الدفعة كلها ويلبسهم ويجيب لهم من الملغى.. تلاقي "تيرى" تقرر تذاكر كل حاجة!.. (ماذا لو غير رأيه وفوجئت بها بين سطور الامتحان!).. يادي النيلة.. واحدة صاحبتها تفركش مع حبيبها عشان طلع ندل وعيل وخاين فـ "تيري" اللي ملهاش دعوة بالموضوع أساسًا تقفل من الرجالة كلها!.. (ماذا لو ارتبطت بشخص وكان سيىء!، لقد رأيت قلب صديقتي يتحطم).. تكبر "تيري" أكتر وأكتر ويكبر معاها القلق بزيادة.. تروح تعيش لوحدها في بيت منفصل زى أغلب الأمريكان.. تبدأ في تخزين أكل كتير في التلاجة عبارة عن معلبات تونة وفول وأكياس شوربة شعيرية مصنعة!.. ولما تتسأل كانت ترد: (ماذا لو حدثت حرب ومجاعة واختفى الأكل ألا يجب أن أكون مستعدة!).. مجاعة فين!.. في أمريكا؟.. إيه الهبل ده!.. قبل ما تخرج من البيت كانت بتتأكد مليون مرة من وجود المفاتيح في جيبها وتعدها مرة واتنين وتلاتة مع إنها أساسًا عمر ما ضاع منها مفتاح ولا نسيته.. (ماذا لو وقع أحدهم أو ضاع أو نسيته! هل أبيت ليلتي في الشارع!).. بس لإن مفيش حد أكبر من سُنة الحياة ولا من الحب؛ بتتجوز "تيري" من "زاك".. ولإن مفيش حاجة بتحصل حوالينا صدفة وكله مترتب تمام التمام بإيد ربنا؛ "زاك" اللي كان طبعًا لاحظ الثغرة اللي في شخصية "تيري" بدري بدري كان مهتم بالقراءة في علم النفس وتفاصيله وبدأ يربط اللي بيشوفه من تصرفاتها باللى قرأه.. في الحقيقة هو كان بدأ يتعايش مع طبع مراته ويتصالح معاه بس كان حاسس إن ده بيخلّيها دايمًا في حالة تنشنة لحاجات أغلبها ملهاش مبرر طبيعي!.. لحد ما وقع تحت إيده كتاب مهم في علم النفس ويعتبر واحد من علامات العلم ده رغم إنه متألف من تقريبًا 100 سنة.. بينده على مراته وبيقول لها إن فيه جملة عبقرية في مقدمة كتاب (السيكولوجية النفسية) لـ عالم علم النفس "سيجموند فرويد" بتقول: (خمسة وثمانين بالمائة من الأشخاص يقلقون من أشياء لن تحدث أبدًا).. يعنى إيه؟.. يعنى مهما كانت كمية قلقك غالبًا غالبًا القلق اللي إنت حاسس بيه للحاجات اللي قلقان منها مش هيحصل.. طب والـ 15 % الباقيين مش يمكن أكون منهم؟.. ممكن طبعًا بس دول بتحصل لهم الحاجات اللي بيقلقوا منها لكن بيكون لها شواهد حقيقية وملموسة ولحظية في وقتها.. إزاى؟.. يعني مينفعش تشوف بيتك النار مولعة فيه وأنت واقف بره وتقول أنا عايز أدخل أجيب الموبايل بتاعي من جوه بس قلقان أموت.. لأ ما إنت هتموت وش بلاش غباوة.. مينفعش تقول فلان الفلاني كان خاين معايا في موقف وإتنين وتلاتة وعشرة وكل الدلائل بتقول إنه زفت معاك ومع غيرك وتيجي تقول أنا هتعامل معاه المرة دي بس قلقان يعملها معايا!.. أغلبنا عندنا إضطراب قلقي بس مش أغلبنا يعرفوا إن أغلبنا من الـ 85 %.. الست اقتنعت بكلام جوزها وبدأ الموضوع يختفى تدريجيًا منها وحتى لما كانت "تيري" تتلخبط بعد كده برضه وتظهر عليها بوادر الإضطراب القلقي كان "زاك" دون ما يعاتب ولا ينتقد يبص لها ويفكرها بالنظرية ويقول لها ببساطة: ("تيري".. مممممممم الـ 85%).

 

• في أوائل الأربعينيات الزعيم الهندي "غاندي" كان راكب القطر ومندمج مع المساعد بتاعه وبيمليه خطاب هيلقيه على الهنود بعد ساعتين.. فجأة وأثناء صعود القطر على هضبة مرتفعة انفصلت القاطرة الرئيسية عن باقي العربيات ومنها اللي كان راكبها غاندى.. اتزحلقت العربيات وبدأت تقع من خلال المنحدر الخطير وكان باين جدًا إنها النهاية للكل.. المساعد اتفزع زى باقي الركاب وبدأ يصرخ من الرعب.. "غاندي" فضل هادي وقال له: (لو افترضنا إننا نجينا سنكون أضعنا بعض الوقت في القلق والتوتر دون فائدة؛ وإذا حدث وجاء الموت فلنمت ونحن نقوم بعمل مفيد.. فلنكمل الكتابة يا بني).. على مضض وبمنتهى التعجب ورغم الظرف العجيب ده؛ المساعد طاوع "غاندي" وكمل كتابة الخطاب!.. بعدها بدقايق ومن لُطف ربنا استقرت العربيات على أرض مستوية تدريجيًا لحد ما وقفت تمامًا وماحصلتش أى خساير باستثناء إصابات طفيفة لا تذكر.. وكل قلق المساعد طلع على فاشوش!.

 

• ماتعطلش حياتك على الفاضي وماتخلّيش حاجات تافهة تكلبشك.. عيش حياتك لحد آخر لحظة محدش هينفعك.. الواحد بيُستنزف من نفسه شوية بشوية على حاجات وناس ولا ليهم أى تلاتين لزمة.. محدش فينا بيموت ناقص عُمر إنت بس بتعيش ناقص عقل عشان تفهم الحقيقة دي في وقتها وتوفر على نفسك وجع وحيرة ووقت.. شوية تشغيل دماغ وتفكير ثم دوس وتوكل على الله مش هيحصل حاجة إنت مش قدها.. الناقد والشاعر الأمريكى "جيمس راسل لويل" واللي عاش في القرن التاسع عشر قال: (لنبتهج متذكرين أن المصائب التى لن نتمكن من حلها لن تحدث أبدًا).

 

 

 

تابع مواقعنا