"هنا بدأت أشوف الحياة".. متعافون من الإدمان يروون تجربتهم مع مركز العزيمة بالمنيا
"كنت يائس من حياتي.. هنا بدأت أشوف الحياة.. هخرج إنسان سوي بسلوكيات جديدة وحرفة جديدة.. كنت عايش زي الحيوان مجرد من المشاعر".. كلها مقتطفات لأحاديث متعافين من الإدمان، اجتمعوا تحت جدران واحدة بعد رحلة طويلة من التنقل بين مصحات العلاج من الإدمان، والغاية واحدة “التعافي من الإدمان” وبدأ حياة جديدة خالية من المخدر.
"القاهرة 24" التقى عددًا من متعافين الإدمان، ليرووا رحلتهم من الإدمان وحتى التعافي في مركز العزيمة بمحافظة المنيا التابع لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي تحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعي.
36 يومًا كانت فترة كفيلة لتغيير حياة عليوة بدوي رأسًا على عقب، ليتخلص من إدمان مخدر قضى على 17 عامًا من عمره، وحول حياته لـ"دمار" حسب وصفه، إلى أن أنقذه أحد أقاربه بإخباره بـ"صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي"، ليتوجه إليه على الفور ويبدأ رحلة التعافي في مركز العزيمة بالمنيا.
يقول الرجل الأربعيني، إنه قبل الالتحاق بالمركز كان يعمل كسمكري سيارات تدور حياته حول المخدر فقط حتى أوشك أطفاله على الضياع، مردفًا: "قبل انضمامي للمركز كان كل أملي أضرب مخدرات، كنت يأس من حياتي، لم أشعر بأهلي ولا أولادي ولا بالحياة كلها.. أما هنا بدأت أشوف الحياة، حتى الصلاة عرفت سكتها هنا، وهخرج وأنا متعلم صنعة جديدة بجانب صنعتي".
يقول كريم محمد، أحد متعافي الإدمان بمركز عزيمة المنيا، إنه سيخرج من المركز بحياة جديدة بعد رحلة تعافي وصلت حتى الأن نحو 35 يومًا وما زالت مستمرة حتى انقضاء مدة علاجه، مردفًا: "خارج لحياة جديدة، هنفع فيها نفسي وأولادي وأهلي وأكون شرف ليهم.. بعد إدمان 9 شهور، اكتشفت بنفسي وبدأت أهتم بنظافتي الشخصية وألعب رياضة.. في 30 يومًا فقط حالي اختلف".
"هخرج إنسان سوي بسلوكيات جديدة وحرفة جديدة" يردف الشاب الثلاثيني، ويتوجه بالحديث إلى مدمني المخدرات، ناصحًا بسرعة التوجه إلى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، قائلًا: "لكل مدمن هتخرج راجل من مركز العزيمة، ودون دفع أموال عكس مصحات دفعنا فيها الآلاف، وخرجنا كما دخلنا.. أنا هخرج إنسان سوي مش مدمن وبسلوكيات جديدة وحرفة جديدة".
من جانبه، يقول عمرو عثمان، مساعد وزيرة التضامن ومدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، إن البرنامج التأهيلي المعتمد بمركز العزيمة "هو الدمج" من حيث التأهيل النفسي والعلاج المعرفي السلوكي"، وبرنامج مهارات منع الانتكاسة، كذلك التأهيل المهني "العلاج بالعمل" والتأهيل البدني "العلاج بالرياضة" بجانب الأنشطة الترفيهية بشكل يومي، كذلك إطلاق الصندوق مبادرة "بداية جديدة " لتوفير قروض لتمويل مشروعات المتعافين في إطار الحرص على تقديم خدمات بعد العلاج المجاني والدمج المجتمعي للمتعافين.
"كنت عايش زي الحيوان مجرد من المشاعر" بنبرة يتجلى فيها الندم، يصف محمد خالد، حياته قبل الالتحاق بمركز العزيمة بالمنيا وبداية تعافيه من الإدمان، حاكيًا أنه كان مجردًا من إنسانيته على مدار 12 عامًا من إدمانه، لا يبصر إلا الأموال لجلب المخدر، قائلًا: " كنت بشوف الناس فلوس، عايش عشان بضرب وبضرب عشان أعيش.. كنت منبوذ من المجتمع".
وبفخر يقول الشاب الثلاثيني، إنه على مدار أكثر من شهرين يحارب إدمان المخدر أصبح الآن متعافيا يتقبله المجتمع، كسر اعتماده على أهله وأصبح صاحب حرفة جديدة، مردفًا: "هنا أتعلمت أغير سلوكي، وأشتغل على نفسي، بعد التعافي أصبحت مقبول في المجتمع.. لوحدي لم أكن استطيع التغيير وهنا تعلمت مبدأ نحن نستطيع".
ويشير مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، إلى أن خلال العامين الماضيين تم تقديم الخدمات العلاجية لمرضى الإدمان بالمركز لأبناء محافظات المنيا وأسيوط والقاهرة وبعض المحافظات الأخرى، وأن 22.4% ممن استفادوا بالخدمات داخل المركز حاصلون على مؤهل جامعي و8.2% مؤهل فوق المتوسط و35.9% ثانوي فني و5.7% حاصلون على ثانوية عامة و8.2% حاصلون على الإعدادية و11% حاصلون على الابتدائية و8.6% أميين.
يذكر أن مركز العزيمة بالمنيا يعد أول مركز لتأهيل مرضى الإدمان بمحافظات الصعيد، وتصل طاقته الاستيعابية إلى 126 سريرًا، ويخدم الكثير من المرضى من أبناء المحافظة والمحافظات المجاورة على مستوى الإقامة الداخلية والرعاية النهارية، ويتضمن صالات ألعاب رياضية وملعب كرة قدم “خماسي” وتأهيل بدني وتنس طاولة وبلياردو، بالإضافة إلى مجمع ورش "تدريب مهني، ورش نجارة وخياطة ورشة حدادة".