الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

صورتي القديمة.. قصة قصيرة لمحمد مندور

محمد مندور
ثقافة
محمد مندور
السبت 19/يونيو/2021 - 04:05 م

اجتاح الحزنُ جسدي، ضغط على شراييني حتى تَصلبتْ، مات نصفي، عجزتُ عن النطق وسقطتْ الأيامُ من ذاكرتي، حاولت أن أجمعها في سلةِ الرجوع إلا أن صراعَ العودةِ أصعب من أن يتجدد، أصبحت نصفَ إنسان، نصفُ جسد، نصفُ حي...

 لم أكن أعلم أن الشعور المعدوم سجن، أستيقظ على الماضي السليم فيذكرني حاضري بعجزي،  يزداد الحزن حزنا وأتهيأ للرحيل، سرعان ما يجاهدني أمل بحرب ضروس، أن أرفع رجلا أو أثني أصبعا فأرتد كما كنت على ظهر سرير يشملني، مرفوعة فوق أخدودة رأسي، يطعمني من يُطعم، ويواسيني من يهتم، طال سجني هذا أعواما، فقدت فيها أمي وركلتْ أبي الحسرة، وعندما تكومت شجاعتي أبلغت نصفي الصحيح بأنانيته، اتهمتُه بالتسبب في تعاستي، إلا أن عيني اليمنى أخبرتني. 

 - وهل تستطيع أن تضع القطرات في عينك اليسرى دون رؤية من حدقتي؟

يدي اليمنى تعيرني بصمتي عن الإجابة، تمسك ذراعي الأيسر. 

- ألم أرفعه لك يوما عن أذى؟ ألم أخلل بين أصابعه، ألم أدلك صدرَك وأمسح على وجهِك بماء يغسلُك؟

قدمي الحافية تقاطُعها:

زحفتُ بي وجررت توأمي بكل ما أوتيت من عصب، ألا يكفي أني أحملُ نصفَ جثة أعاني مع تقلبها أنا الأخرى! 

احتشدوا جميعا ضد اتهاماتي... 

حيلتي تهشمت تحت حجج دهستني، أحرك رقبتي بصعوبة، أنظر بعين واحدة لصورة معلقة. 

- إنه أنا، أرغب في استبدال الأماكن، أتدحرج، أسقط أرضا، ألمس حائطها المتصدع، أقف بركن، أبدأ رحلتي الطويلة كي أصل إلى بروازها، ظهري يمسح الألوان أثناء سعيه، أحاول أن أستند بكفي العابر نحوها، أرفع ذراعا، والآخر لا يدرك مقصدي، علوها يتحداني، قفزت بقدم واحدة، ويد واحدة، اهتز شموخُها، تخطى حبلها المفتول مسماره، وقعت على رأسي، تهشمتْ طريحةً على الأرض بجوار جسدي الذي اختل تُعانِق تعثره، تناثرَ زجاجُها وخرجت صورتي القديمة تبتسم لي وتنظر بعينين يملهما الصمود إلى موضعها الجديد تذكرني بأيامي، وعجزت أن أعيدها إلى حيث كانت!

تابع مواقعنا