عضو مركز التخطيط بقطاع غزة: حماس تسعى لكسب صفة دولية من خلال الحرب.. وثقل مصر الاستراتيجي عجل بوقف إطلاق النار (حوار)
خطوات مصرية مكثفة تجريها القيادة السياسية لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بجانب دفع المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من المساعدات لإعادة إعمار غزة بعد قصف إسرائيلي استمر 11 يومًا، إلا أن الكثير من الفلسطينيين ينظرون إلى أن التصعيد الأخير أسفر عن العديد من المكاسب التي جاءت بمثابة ما وصفوه بالانتصار لهم.
وللتعرف على أبرز تفاصيل مكاسب الفصائل الفلسطينية من التصعيد الأخير والملفات التي جرى التفاوض عليها بمشاركة الوفود المصرية التي زارت قطاع غزة والضفة الغربية وإسرائيل، أجرى "القاهرة 24" حوارًا مع الدكتورة إلهام شمالي، عضو مركز التخطيط الفلسطيني بقطاع غزة.
وإلى نص الحوار..
في البداية.. كيف أدارت مصر مفاوضات وقف إطلاق النار بين غزة والاحتلال الإسرائيلي؟
قامت مصر بدور مركزي ودخلت بكل ثقلها الاستراتيجي وحنكتها السياسية، وتمكنت من الإعلان عن وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية المقاومة وسلطات الاحتلال، كما وصل وفدين مصريين إلى مناطق السلطة الفلسطينية وإسرائيل، لتثبيت دعائم وقف إطلاق النار على الأرض.
كما زار الوفد غزة للمرة الثانية في محاولة لإعادة إطلاق العملية السلمية بمشاركة الفصائل الفلسطينية وفق الشرائع والقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.
ما أبرز الملفات التي جرى تناولها في المفاوضات المصرية لوقف إطلاق النار بين الطرفين؟
أولى الملفات التي سيتم بحثها هو ملف (إعادة اعمار قطاع غزة) بالتعاون مع المجتمع الدولي وعبر المؤسسات الشرعية التابعة للسلطة الفلسطينية، وضرورة ضمان عدم حدوث موجة أخرى من التصعيد والمحافظة على حالة الهدوء قبل البدء في عملية الإعمار تحت الإشراف المصري.
كما تكثف القاهرة من مباحثاتها لتثبيت التهدئة بين الاحتلال الإسرائيلي وقطاع غزة، والاستقرار في غلاف غزة، لعودة الحياة للمستوطنين بعد نزوحهم، وعجز إسرائيل عن توفير كافة احتياجاتهم.
وحول علاقة الفصائل الفلسطينية ببعضها.. ما أبرز ملفات التفاوض؟
القضية الأولى التي سيتم مناقشتها بين الفصائل الفلسطينية تتمثل في كيفية إعادة إعمار غزة، لوجود إشكالية بين الفصائل بخصوص إعادة الإعمار، فحركة حماس لا تريد تدخل السلطة الفلسطينية المتواجدة في رام الله في عملية إعادة الإعمار والإشراف عليها.
نحن أمام حاجة ملحة للتساؤل هل قوة حماس السياسية بعد الحرب هي ما قبل الحرب، من الأهمية بمكان قبل ذلك كله انهاء الانقسام الفلسطيني عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل الكل الفلسطيني.
حماس تسعى إلى تأكيد بقائها في السلطة بقطاع غزة، وتطمح بدور أكبر وصفة شرعية من المجتمع الدولي، وقد يكون هناك حراك ودور مصري وعربي لمرحلة ما بعد أبو مازن.
لماذا بادرت السلطات الإسرائيلية إلى تهجير أهالي الشيخ جراح في ذلك الوقت تحديدًا؟
ما جرى في مدينة القدس خلال شهر رمضان، وما تخطط إليه الجماعات الاستيطانية المتطرفة من تهجير أهالي حي الشيخ جراح، وكافة الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، والحرب على غزة ما هي إلا نتيجة “صفقة القرن” الأمريكية برعاية جاريد كوشنر صهر الرئيس الأسبق دونالد ترامب، والتي أرادت إسرائيل الإسراع من تطبيقها على الأرض عبر عملية الضم.
تلك الصفقة تجاهلت الفلسطينيين بشكل كامل ولم تنظر لمعاناتهم من الاحتلال المستمر على مدار سبعة عقود، فكان طبيعي أن يحدث ذلك، فاليوم أدركت الإدارة الأمريكية خطأ تجاهل الشعب الفلسطيني.
كيف ترى ربط الموقف الأمريكي للسلام بالاعتراف بإسرائيل في المنطقة؟
صحيح هناك تحول في الموقف الأمريكي على المستوى الرسمي والشارع أيضا، لكن أي مفاوضات تتطلب اعتراف رسمي بوجود إسرائيل ويهودية الدولة وهذا ما ترفضه الفصائل الفلسطينية مجتمعة بما فيها حركة فتح، وذلك ما أكدت عليه الخارجية الأمريكية بالقول من يعترف بإسرائيل ويحافظ على وجودها من الفلسطينيين نتعامل معه، أما من لا يعترف ويسعى لزوالها لن نعترف به ولن نتعامل معه.
كما أن الرئيس الأمريكي أعلنها صراحة أن حماس لا تزال تمثل منظمة إرهابية، وأن وقف إطلاق النار كان بسبب الأبرياء، وأن النقطة الجوهرية هي عدم اعتراف إسرائيل بالحقوق الفلسطينية، ورفضها الكلي لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وفي مقدمتها قرار 194 القاضي بحق عودة اللاجئين، وتمسكها بالقدس عاصمة مُوحدة للكيان الإسرائيلي.
فالعالم أدرك أن القضية الفلسطينية تكمن في إنهاء الاحتلال الفلسطيني وضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967م، وإسرائيل ترفض خيار الدولة الواحدة رفضًا قاطعًا، وتقاوم بكل قوة حل الدولتين وتعمل على عدم تحقيقه، لأن موازين القوة الدولية المستقبلية لن تكون في صالح الاستيطان.
هل سيتم وقف تهجير مواطني حي الشيخ جراح أم التأجيل فقط؟
قضية حي الشيخ جراح تم تأجيل البت فيها لأسبوعين من قبل المحاكم الإسرائيلية، وهناك جملة من القوانين الإسرائيلية تحكمها، وإخلاء مواطني الحي جاء لجذب بعض الأحزاب اليمينية الاستيطانية لمساندة نتنياهو في ائتلافه الحزبي عندما تسلم ملف تشكيل الحكومة.
ونأمل أن ينتهي ملف الشيخ جراح كما انتهى ملف الخان الأحمر لامتصاص الغضب الفلسطيني وعدم تكرار موجة أخرى بين قطاع غزة والاحتلال في القريب العاجل.
وما هي أبرز مكاسب الفلسطينيين من التصعيد الأخير ضد الاحتلال الإسرائيلي؟
المقاومة الفلسطينية تمكنت من تحقيق إنجازات على الأرض أولا توحيد الكل الفلسطيني في القدس والداخل الفلسطيني المحتلة منذ عام 1948م، وفي الضفة الغربية وغزة التي تشكل 1.35% من مساحة فلسطين، وشكَل الجميع قوة مواجهة قوية للاحتلال وحالة من الاشتباك لم تتوقعها إسرائيل، لذلك شكلت ثورة الداخل صدمة لإسرائيل توزاي صدمتها بقدرة وتطور المقاومة الفلسطينية في غزة.
كيف يمكن استثمار تلك المكاسب من قبل مواطني الضفة وغزة والأراضي المحتلة؟
علينا كفلسطينيين استثمار ما وقع من حرب وتداعياتها بشكل جيد لآن القضية الفلسطينية عادة، وانتعشت على المستوى الدولي بشكل جيد خلال الحرب الإسرائيلية، ومن السابق لأوانه الحديث عن مفاوضات تسوية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، خاصة من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
ونحن اليوم بحاجة إلى إعادة ترتيب النظام السياسي الفلسطيني وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وكذلك المجلس الوطني، لأنه لا شرعية لتمثيل النظام السياسي إلا بالانتخابات، والأولوية اليوم لرفع الحصار عن قطاع غزة الذي قارب على خمسة عشر عامًا.