محمد الكحلاوي.. مغني البدو ومداح النبي
يكرم المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، اليوم على مسرح ساحة مركز الهناجر للفنون، اسم الفنان الكبير "شيخ المداحين" الفنان محمد الكحلاوي، تحت رعاية وزيرة الثقافة، وذلك في تمام الساعة الثامنة والنصف مساءً، ضمن فعاليات الليلة العاشرة لبرنامج "هل هلالك" الذي ينظمه قطاع شئون الإنتاج الثقافي للعام الخامس على التوالي.
وبهذه المناسبة نستعرض سيرة ومسيرة الفنانة الكبير محمد الكحلاوي..
مداح الرسول، هكذا لُقب الفنان الكبير محمد الكحلاوي، الذي كان رائدا من رواد الفن والغناء والتمثيل، فهو ولد وترعرع في أسرة فنية، احتضنه خاله الفنان محمد مجاهد الكحلاوي بعدما توفى أبوه، وكانت امه قد توفيت أثناء ولادته، وملازمته لخاله الذي كان بمثابة معلم له كان لها أثر كبير في تشبعه للفن، كما ورث عن خاله الصوت الجميل والأداء المتميز الجذاب.
من موظف السكك الحديدية لمنشد الأناشيد الدينية
عمل الكحلاوي في بداية حياته موظف في السكك الحديدية، ثم ترك وظيفته وبدأ مسيرته الفنية بإنشاد المواويل الشعبية والتحق بفرقة عكاشة كـ كومبارس، وعندما تأخر مطرب الفرقة طلب منه منظم الحفلة غناء لتسلية الجمهور فحقق نجاحًا كبيرًا ولاقى إقبال من الجماهير، وسافر مع الفرقة بعد شهرين ولكنه لم يعد معهم وظل هناك لمدة ثمان سنوات فتعلم هناك الغناء العربي الأصيل وأتقن اللهجة البدوية وإيقاعاتها وغناء الموال، ثم عاد لمرة مرة أخري ومعه ثورة ضخمة.
وبعد رجوعه لمصر اتجه إلى الغناء البدوي، فكّون في بداية حياته ثلاثية جميلة مع "بيرم التونسي" بالكتابة، و"زكريا أحمد" بالتلحين، وهو بالغناء، كما عمل بالإذاعة منذ نشأتها عام 1934، واُنتخب نقيبًا للموسيقيين في عام 1945 إلا أنه تنازل عنها للموسيقار محمد عبد الوهاب.
وكان أول من نادى بالوحدة وأنشد العديد من الأغاني الوطنية باللهجة العربية البدوية، عندما بدأت حرب 48 وهجرة اليهود وأحدقت المخاطر بفلسطين، ومن هذه الأغاني "على المجد هيا يا رجال"، "وين يا عرب"، "خلي السيف يجول" و"كريم جواد" و"يا أمة الإسلام"، وغيرها.
مسيرته الفنية
لمع الكحلاوي في سماء الفن، فشارك في بطولة عدد من الأفلام، وحصل على عدد من الجوائز، ومنها جائزة عن دوره في فيلم "الذلة الكبرى" وجائزة الملك محمد الخامس وحصل في عام 1967 على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى ثم حصل على جائزة الدولة التقديرية.
وأسس شركة للإنتاج الفني والتي تعتبر ثاني شركة في الوطن العربي، وهى شركة إنتاج أفلام القبيلة، التي تخصصت في إنتاج الأفلام العربية البدوية ومنها "أحكام العرب" ، "يوم في العالي"، "أسير العيون"، "وبنت البادية"، وغيرها والتي وصل عددها إلى 40 فيلما، شارك فيها بالتمثيل واعتبرت هذه الأفلام بداية لتمصير الفيلم العربي الذي كان يعتمد على النصوص الأجنبية المترجمة، و قدم في هذه التجربة نحو 40 فيلمًا.
سبب تسميته بمداح الرسول
اعتزل الكحلاوي الغناء في منتصف عمره وسخر ما تبقى من حياته للإنشاد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو صاحب "الملحمة النبوية" التي كانت سببًا في إطلاق لقب "مداح الرسول" عليه، وكان رائد من رواد الإنشاد الديني حيث لحّن أكثر من 600 لحن ديني من مجمل إنتاجه الذي قارب على 1200 لحن، وأصبحت أناشيده تذاع في كل المناسبات الدينية، ومن أشهر أغانيه "لجل النبي"، ولاقت حفاوة عند جمهوره.
كما امتنع عن أن يغني لأي شخص دون الرسول صلى الله عليه وسلم، وعندما طلبوا منه أن يغني للرئيس جمال عبد الناصر في إحدى الحفلات رفض رفضًا قاطعًا.
ظل لمدة 40 عام ينتظم على أداء فريضة الحج بشكل متواصل، وهجر عمارته المطلة على النيل في حي الزمالك الراقي ليبني مسجدًا يحمل اسمه وسط مدافن الإمام الشافعي، وبنى فوقه استراحة أشبه بالكوخ وسكنها، وكذلك بنى مدفنه فيه إلى أن توفي في 5 أكتوبر سنة 1982، ولعله لم يندم على شيء سوى الفترة التي قضاها في عدم طاعة الله وكان يطلق عليها "جاهلية محمد الكحلاوي".
