روزاليوسف.. "لو كان يوم السبت رجلًا لقتلته"
ما زال الحديث موصولًا عن السيدة روزاليوسف، هذه الأسطورة التي جاءت إلى أرضنا مصر، بلا دليل أو مرشد، حائرة إلى أن وجدت مرفأ لحياتها وشاطئًا، وهو إرادتها، وهذا ما سنشاهده في أحداث مسلسل السيدة فاطمة اليوسف عن (روز اليوسف) الذي يعكف على كتابته الأستاذ حسن بلال المؤلف وكاتب الدراما.
صراع الطريق لم يكن سهلًا بالنسبة لمجلة روز اليوسف الواعدة أو مؤسستها، ففي سنة 1934. اختلفت مع محمد التابعي رائد الصحافة المصري فاستقل عنها، وأخذ معه نجوم مجلة روزاليوسف في هذا الوقت، منهم علي، ومصطفى أمين، وجلال الدين الحمامصي، والشاعر سعيد عبده، ورسام الكاريكاتير صاروخان، فاعتقد الناس وقتها أنّ المجلة قد انتهت، إلا أن ذلك قادها (فاطمة اليوسف) لتحدٍ أكبر، فقررت إطلاق جريدة يومية، إلى جانب المجلة، لتُثبت للجميع أن روزاليوسف اسم لا يموت.
وصدر أول عدد من الجريدة اليومية في 25 مارس عام 1935. وطلبت وقتها فاطمة اليوسف من الدكتور محمود عزمي أن يترأس تحرير الجريدة، وتشاورت مع عباس محمود العقاد ليكتب بها، وحدثت بينهما مناقشة شهيرة اعترض فيها العقاد، الذي كان يكتب وقتها في صحيفة «البلاغ»، على أن يكتب في جريدة اسم صاحبتها سيدة، ولكنّه وافق بعد ذلك، وبعد مشادة مع محمود عزمي أتت بالمناضل السياسي عبد الرحمن بك فهمي ليكون رئيسًا للتحرير، وكان من يكتب في هذا الوقت لديها نجيب محفوظ الذي كان وقتها شابًّا في عامه الأول بكلية الآداب، وبنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن، ووصل توزيع الجريدة في هذا الوقت إلى 80 ألف نسخة يوميًّا.
وكان لروزاليوسف عبارة شهيرة تقول: «لو كان يوم السبت رجلاً لقتلته»، وهو اليوم الذي يُوافق الصدور الأسبوعي للمجلة، وكانت قد اعتادت في هذا اليوم على تربُص الحكومة بأعداد المجلة بعد وصولها للموزعين لمصادرة الآلاف منها، مما يؤدي لخسارتها الفادحة ما بين تكاليف وطباعة ومُعلنين، ما يدفعها لتأجير تراخيص مجلات بديلة لتضع بها محتويات (روزاليوسف) التي تمت مصادرتها، فصدرت مرة باسم الصرخة، ومرة باسم الرقيب، ومرة باسم مصر الحرة، ومرة باسم صدى الحق، وكانت تأبى أن تستسلم لضغوط الحكومة آنذاك التي كانت تعارضها في انحياز تام لمبادئ المجلة.
وارتبط اسم «روزاليوسف» المجلة، بفن الكاريكاتير ومبدعيه الذين وجدوا على صفحاتها متنفسًا ومساحة رحبة لإطلاق ألوانهم ورسومهم، من هؤلاء رسّام الكاريكاتير الأرمني الأصل صاروخان، ويشرح الكاتب رشاد كامل، أنّ «روز اليوسف» تعد مدرسة الكاريكاتير الأولى، فقد كانت مجلة (المُصور) في هذا الوقت متفوقة في الصور الفوتوغرافية، فقرّرت «روزاليوسف»؛ المنافسة برسم الكاريكاتير.
وكان الرسم في هذا الوقت أرخص من الصور الفوتوغرافية، فاستعانت في البداية برسّام الكاريكاتير خوان سانتيز، الذي جاء وقتها إلى مصر هربًا من الحرب الأهلية في إسبانيا، ورسم أيضًا بالمجلة رسام تركي وهو علي رفقي، وحاز صاروخان الأرمني على شهرة واسعة، وكانت من أبرز شخصياته شخصية «المصري أفندي)، الذي عُد من أشهر شخصيات الكاريكاتير في الصحافة المصرية، وشارك بالعمل الفنان الهولندي بروفيسكي، وقد جلب ذلك قضايا عدة لاحقت المجلة.