"ثورة الدم والعسل".. عندما قتل أهل المنيا جنود الإنجليز وقائدهم المتعجرف "بوب" (صور وفيديو)
تحتفل محافظة المنيا، بعيدها القومي والوطني، في يوم 18 مارس من كل عام، لإحياء ذكرى ثورة 1919 التي اشتعلت بمركزي "ديرمواس، وملوي"، جنوب المحافظة، ضد الاحتلال الانجليزي آنذاك، عندما قامت المقاومة الشعبية بقيادة الدكتور "خليل أبو زيد"، بإيقاف قطار الإنجليز بالسكة الحديد لمركز "ديرمواس"، وقتل الجنود الإنجليز وقائدهم "بوب" مفتش السجون الذي كان من أهم القادة في ذلك الوقت.
ومن تلك السطور رصد "القاهرة 24" تفاصيل ذلك الملحمة العظيمة من أحد أفراد عائلة الدكتور "خليل أبو زيد"، قائد المقاومة الشعبية التي هزت عرش بريطانيا آنذاك بموقعة "الدم والعسل".
وقال الدكتور محمد أبو زيد، إن هذه الملحمة كانت من أشد الأحداث التي شهدتها ثورة 1919 ضد الاحتلال الانجليزي علي مصر، وذلك بشهادة جميع المؤرخين وأبرزهم "عبد الرحمن الرافعي" الذي وصف الموقعة بأنها من أشد الحوادث عنفًا في مصر كلها.
وعقّب قائلًا: "إنه لم يحدث في تاريخ الإمبراطورية البريطانية أن تصدى مدنيون لعسكريين كما حدث في ديرمواس، ويرجع ذلك لإعدام 34 شخصًا من أبناء الثورة وفرض الغرامات الباهظة على 20 آخرين ممن حكم عليهم بالحبس.
وأضاف أبو زيد لـ"القاهرة 24"، "أن ثورة 1919 كانت مثالًا على تلاحم كل طبقات الشعب الأغنياء والفقراء، والمسلمين والأقباط، المتعلمين والبسطاء، أهل الريف وأهل المدن، داخل مدينة ديرمواس، فعندما عاد الدكتور خليل أبو زيد من لندن، حيث كان يدرس شهادة الدكتوراه في جامعة لندن، والذي عاد منها في يوم 5 يناير 1919، بدأ يلتقي مع الأهالي في قصر العمدة أبو زيد، الذي يسمي في وقتنا هذا بقصر الثورة، وفي هذه اللقاءات كان يؤدي دوره في حشد الأهالي وتوجيههم بالعمل الوطني، ورفضهم للاحتلال".
وتابع أبو زيد “جاءت الفرصة للشهيد البطل خليل أبو زيد عندما تلقى خبرًا من أحد رجال الشرطة الوطنيين، الذين كانوا يساندون الثوار في تلك الملحمة، وهو مأمور مركز ديروط وديرمواس في ذلك الوقت، أن هناك قطارًا يحمل ضباطًا وجنودًا إنجليز قادمين من الأقصر إلى القاهرة، فقرر خليل وزملاؤه من قادة الثورة أن يتوجهوا في مسيرة حاشدة تضم آلاف المواطنين لإيقاف قطار الإنجليز، وإلقاء كلمة باللغة “ الإنجليزية تدعو إلى الحرية والاستقلال والجلاء عن مصر أمام قوات الاحتلال، وتأييد الشعب لزعيم الأمة سعد زغلول الذي كان اعتقل يوم 8 مارس، فتم بالفعل إيقاف القطار وبدأت أحداث الملحمة عندما أطلق أحد الضباط الإنجليز الطلقات النارية تجاه الثوار، الذين قاموا بالهجوم عليه والقضاء على جميع ركابه من جنود الاحتلال وعلى رأسهم بوب مفتش السجون الذي كان من أهم القادة الإنجليز في ذلك الوقت، حيث لقب بالسفاح، وذلك يرجع إلى أنه كان يعذب الوطنيين بكل أساليب العنف بلا رحمة داخل السجون”.
وأشار أبو زيد، إلى “أن الإنجليز قد عادوا إلى ديرمواس وحاصروها لمدة 40 يومًا، مارسوا فيها كافة أشكال التنكيل والعنف، لأن بوب يعد رمزًا كبيرًا من رموز الاحتلال، وقتله تسبب في حدوث هزة كبيرة في الإمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغرب عنها الشمس والتي تصدت لها قرية صغيرة أفزعتها وأزالت هيبة الإنجليز، وكانت قوات الاحتلال تلقي السمن على الزيت على العسل، الذي كان يعد الخزين لأهل الريف كي يذلوا الأهالي، ولكنهم صمدوا ولم يستسلموا وهناك قصص من البطولة شارك فيها النساء والرجال”.
وأوضح "أن سبب تسمية الملحمة بالدم والعسل، هو عند حدوث الصدام بين الثوار والإنجليز، كان هناك كمية كبيرة من الزلع تحتوي علي "العسل الأسود"، دخل القطار الزي كان يستقلون فيه لنقلها الي الشمال، فاختلط دم الانجليز أسوء ما فيهم بالعسل الأسود أفضل ما عندنا، فتكونت صورة قدريه سموها بعض الأدباء أن ديرمواس بلد "الدم والعسل".
واختتم أبو زيد حديثه لـ"القاهرة 24"، بالتهنئة لأهالي مدينتي "ملوي وديروط" الذي كان لهم دور كبير وفعال في ذلك الملحمة العظيمة في تاريخ مصر الذي نفخر به.
وناشد اللواء أسامة القاضي محافظ المنيا، أن يرسل بلجنة إلى القصر لمعاينته واتخاذ اللازم للحفاظ عليه كرمز من رموز العيد القومي الوطني، وجامعة المنيا الممثلة في الدكتور مصطفى عبد النبي رئيس الجامعة وعميد كلية فنون جميلة أن تقوم كلية الفنون الجميلة بالمشاركة في تطوير وتجميل مكان النصب التذكارية والمكان المتواجد به القصر بمدينة ديرمواس وإقامة جدران تحكي قصة الثورة من خلال الرسومات وبعض الكتابات عليه، لأن الفن في خدمة المجتمع لأنه منارة لنقل القيم والتعلم وتخليد الذكريات.
وقال “نطالب من وزير الأوقاف أن يخصص الـ21 فدانًا المتبقية من وقف عائلة أبو زيد للمنفعة العامة لخدمة أهالي ديرمواس، في شكل مدارس ومشروعات لخدمة الشباب والنساء”.
وأكمل “ونناشد أيضا الهيئة الوطنية للإعلام أن تقوم بتجسيد تلك الملحمة العظيمة في شكل عمل أدبي درامي تاريخي، يمجد هذه الأحداث لثورة 1919 التي تأثرت بها مصر كلها، وكونت تاريخًا عظيمًا نفتخر به طوال العمر”.