السبت 30 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

هند عيسى تكتب: التغيير يبدأ من الداخل

الكاتبة هند عيسى
ثقافة
الكاتبة هند عيسى
الثلاثاء 16/مارس/2021 - 08:05 ص

الشخصية المبادرة شخصية لا تعرف المستحيل ليس لأنها خارقة القدرات وتملك من المواهب من لا يملكها بشر، بل لأنها تؤمن بذاتها وتتغافل كثيرا، وتعدل كثيرا، وتسامح كثيرا وضرب لنا سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم المثل، فكان امر الله له بأن يصدع بالدعوة في قوله تعالى: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين" فكان يتعرض النبي للأذى من قومه، والسب، والشتائم وكان يقول لأصحابه: "ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم! يشتمون مذمما، ويلعنون مذمما، وأنا محمد" مثال للشخصية المبادرة، المتغافلة، المسامحة، الإيجابية، فلا عجب بعد ذلك من دخول الكثير من المشركين في الإسلام .

 فبطريقة تفكير الإنسان يستطيع أن يتغلب على كل ما يواجهه بتغيير نظرته للأشياء، أما الأناس السلبيون فتجدهم يتحدثون عن حياة مليئة بكم الظروف الصعبة التي تواجههم ويتحدثون عن هؤلاء الذين حالوا بينهم وبين تحقيق أهدافهم وعن المجتمع الذي لم يوفر لهم البيئة الملائمة ، وعن السلبيات، وعن الماضي وفي نفس الوقت لا تراهم يتحدثون عن أخطائهم وعن سوء معتقداتهم، ومراجعه أنفسهم فيحيلوا الأسباب دائما الي خارجهم، فتجدهم يلعبون دائما دور الضحية، أما الأشخاص الذين يتحدثون عن المستقبل، وعن الأفكار، وعن الرؤى، وعن العمل هم أناس ناجحون، إن التفكير الإيجابي يرى النور وسط الظلام، ويرى الحكمة وراء كل موقف وكل محنة يتعرض لها الإنسان، بل ويستطيع أن يجعل من كل نهاية بداية جديدة له.

أنت المسئول عن حياتك وما يحدث فيها وإذا اردت تغيير أي شيء في حياتك عليك تغيير نفسك، فالإنسان حر التصرف إزاء المواقف المختلفة وعليه ألا يتبع ردود أفعاله الطبيعية مثل الغضب، أو الحزن، أو اليأس، فمشاعره تقوده الي الهلاك وعليه ان يتصرف وفقا لمبادئه، وقيمه، وأهدافه فعندها يتحكم العقل ويتصرف وفقا لما يقتضيه العقل والحكمة ويسيطر على أفعاله ويتجنب الأحداث التي سوف تعقبها، ويقول ويليام جيمس "إن أعظم اكتشاف في جيلي هو أن الإنسان يستطيع أن يغير ظروفه بتغير نظرته لهذه الظروف" ويقول برنارد شو إن الإنسان ليس سوى نتيجة حتمية لظروفه وأنه يستطيع ان يتحكم في كثير منها.

فالإنسان القوي هو من يملك السيطرة على نفسه، وعلى تصرفاته إزاء ما يحدث له ولا يسمح لمشاعره، أو أهوائه، أو حتى للمحيطين به أن يملي عليه ردود افعاله تجاه ما يحدث له فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب".

الشخص المبادر هو الذي يبدأ بنفسه ويشعر أنه أصل التغيير ويتوقع النتيجة ويرى النهاية وإذا حدث في المنتصف أشياء غير متوقعة أو إحباط يفكر جيدا في تعديل الظروف، أو تعديل خطته للتوافق مع ظروفه ويري الجانب المشرق حتى في الإحباط ويحول أخطاءه وفشله إلى درس يتعلم منه جيدا.

في الواقع إن الشخص السلبي تراه دائما لا يتحدث إلا عن الظروف الصعبة، وعن الأوضاع وتراه يرى كل شيء يعاكسه كأنه الضحية فيجد الشماعات التي يعلق عليها اخطاؤه، ويحيل كل فشله ومتاعبه على المحيطين به وعلى المجتمع وهي حيل نفسية للخروج من دائرة لوم الذات وجلدها أو بمعني أدق غير متحمل للمسئولية، هناك الكثير من الأشخاص لم تمنعهم ظروفهم من الوصول لأهدافهم. قوله تعالي "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" هو نقطة انطلاق حقيقية في حياتنا وهو يعني أنك المسئول عن حياتك وعما يحدث فيها وإذا اردت تغيير شيء عليك البدء من نفسك. يقول غاندي "إنهم لن يستطيعوا أن يأخذوا منا عزتنا إلا إذا أعطيناهم إياها".

بالتأكيد الإنسان حر التصرف، إذا تحرر من قيود نفسه التي تقوده إلى كل ما يعيب وتوقعه في الأخطاء والميل للهوى والحيد عن الطريق المستقيم.

وقال صلى الله عليه وسلم "عجبا لأمر المؤمن أمره له كله خير إن إصابته سراء شكر وإن إصابته ضراء صبر "

فيعلمنا الإسلام مع الصبر على البلاء الأخذ بالأسباب والسعي في تغيير الأوضاع، في الرجوع لله تعالى، في التوكل على الله ويأمرنا بعدم الاتكال على الآخرين وإرجاع كل مكروه يحدث للشخص إلى البيئة المحيطة وظروف المجتمع أو العائلة وغيرها من الأسباب والحيل التي يصرف بها الأسباب عن نفسه. 

فالتغيير يبدأ من الداخل من خلال تغيير رؤيتك للأشياء أو تغيير طريقة تفكيرك يقول هنري فوري: "إذا كنت تعتقد أنك تستطيع أو لا تستطيع فأنت على حق في الحالتين " 

إذا غذيت أفكارك بالإيجابية انعكست على سلوكياتك وإذا ملأتها بأفكار سلبية انعكست على سلوكياتك كذلك يقول الله تعالى "ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإن الله سميع عليم" وهي تحمل كل معاني الإيجابية والمبادرة والصدق في القول مع الحث على العمل.

تابع مواقعنا