الجبهة الأولى.. هُنا بدأت المعركة ضد كورونا وهؤلاء أول الأبطال
في مثل هذا اليوم من العام الماضي، 14 فبراير 2020، أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية، ومنظمة الصحة العالمية، اكتشاف أول حالة إيجابية حاملة لفيروس كورونا المستجد داخل البلاد، ليستعد جنود الجيش الأبيض من الأطباء للمواجهة كخط الدفاع الأول ضد هذا الفيروس.
وعلى مدار عام كان الأطباء، الأكثر عرضه للإصابة بالفيروس، من غيرهم من المواطنين، خاصة الأطباء العاملين في مستشفيات العزل التي خصصتها الدولة لمرضى كورونا، وهو ما تحدث عنه أطباء كانوا شاهدين على المواجهة الأولى للفيروس.
"في الأول كنا خايفين وشايلين كفنا على إيدينا لكن حاليًا الأمر أصبح مُعتاد".. بتلك الكلمات استهل أحمد حمدي، حديثه لـ"القاهرة24"، الذي كان يعمل ممرضًا في مستشفى النجيلة بمطروح، التي تحولت لأول مستشفى عزل مُجهزة لاستقبال حالات الإصابة بكورونا، وفي لحظة تذكره للمشاهد الأولى وقت استقباله لأول طائرة، كانت تحمل أول فوج مصري قادم من ووهان الصينية، بعد ظهور فيروس كورونا، قال: "المشهد الأول كان مُخيفًا، خاصة وأننا لأول مرة نتعامل مع فيروس".
استعد الشاب الثلاثيني، مع بداية جائحة كورونا وسط العديد من مشاعر الخوف، والقلق، مُتبعًا كل الإجراءات الاحترازية، وقت استقباله للعديد من الأفواج القادمة من مختلف البلاد، والمحافظات أيضًا، وبصوت يتجلى فيه الإيمان ردف: "تخطينا خوفنا ورهبتنا بصلاتنا وإيماننا"، وعن استعدادات المستشفى وطاقم التمريض، أكد أحمد والذي انتقل إلى مستشفى الحوامدية، على جاهزية وتوافر كل ما يحتاجه المُصاب والطاقم الطبي وأيضًا طاقم التمريض، مسترسلًا: " نسبة الشفاء في مستشفي الحوامدية كبيرة ومبشرة بالخير".
يقول الممرض أحمد حمدي، إن مع مرور الذكرى الأولى لظهور فيروس كورونا في مصر، تأتي في ذهنه لحظة وفاة زميله الممرض إثر إصابته بالفيروس بعدما ساعد على نقل جثمان أول مريضة، بالرغم من حملها للفيروس إلا إنها توفت نتيجة سكتة قلبية داخل المستشفي ورفض أهلها استلام جثمانها، وعلى جانب آخر يتذكر لحظات الأمل التي ظهرت أمامه حينما ظهرت سلبية مسحة مريضًا كان حاملًا للفيروس لمدة 25 يومًا ليعود إليه الأمل وتشرق شمسه من جديد.
وبعد ظهور و تفشي فيروس كورونا في مصر، حولت وزارة الصحة والسكان جزء كبير من مستشفيات الجمهورية إلي مستشفيات عزل لعلاج مصابي فيروس كورونا، وذلك بدءًا من مستشفي النجيلة بمطروح مرورا بالحوامدية بالجيزة و مجموعة أخرى من المستشفيات مقسمة علي جميع محافظات الجمهورية حتي وصلت إلي إكثر من 320 مستشفى عزل.
"عاوزك تكوني قوية وشجاعة".. كانت تلك الكلمات هي آخر ما قاله أحمد اللواح، أول طبيب مصري توفى نتيجة إصابته بفيروس كورونا بمستشفى العزل، أبو خليفة بالإسماعيلية، لابنته إسراء اللواح والتي تستكمل مسيرته المهنية حاليًا، وللمرة الأخيرة كان يتمنى أن يرى ابنه الشاب ذات الأربعة عشر عامًا وبسبب ظروفه الصحية كان الأمر صعبًا، وبلسان يتجلى فيه الإيمان والصبر قالت زوجته في حديثها مع "القاهرة24": "الأعمار بيد الله ونحتسبه عند الله شهيد".
تقول أمل محمد، زوجة الطبيب الراحل أحمد اللواح، والذي كان أستاذًا في طب جامعة الأزهر، إنه كان مُصممًا على الذهاب إلى العمل والقيام بدوره كطبيب تحاليل مُتبعًا كل الإجراءات الإحترازية، وبلسان يتجلى فيه الفخر ممزوجًا بالحب ردفت: "كان كلامه دومًا عن مسئوليته تجاه المرضى في عدم تأخير نتائج التحاليل عليهم، لافتًا إلى أن منهم من ينتظر النتيجة كي يخضع للعمليات والبعض الآخر حالات حرجة".
تحكي الزوجة أن زوجها الخمسيني رحمه الله، كان لديه ‘حساسًا بأنه التقط الفيروس من مريض سحب منه عينة تحاليل خاصة بفيروس كورونا، وبصوت يغلٌب عليه اليقين قال لها: "حاسس أنه كورونا وقلقان أكون اتصابت منه"، وبعد عدة أيام قليلة، وبترتيبات قدرية جاء ظنه في محله وظهرت الأعراض عليه، ليُغادر اللواح الحياة خلال 6 أيام.
ويشير تقرير "كوفيد 19" الخاص بوزراة الصحة والسكان المصرية حتى الآن، إلى أن إجمالي عدد المُصابين بفيروس كورونا وصل لـ173202، وإجمالي عدد الوفيات وصل لـ 9935، وفيما يخص الحالات التي تم شفاؤها حتى الآن وصل عددهم إجماليًا إلى 134638.
وبحسب نقابة الأطباء في مصر، وصلت أعداد الوفاة الخاصة بالأطباء إلى 369 شهيدًا حتى الآن.
يقول عبدالمنعم سليم، أول طبيب مصري، تلقى لقاح كورونا في مستشفى العزل أبو خليفة بالإسماعيلية، إنه مع بداية ظهور الوباء في مصر كان هناك نظام من خلال مكافحة العدوى، مع جاهزبة كل الاحتياجات الخاصة بالأطباء داخل المستشفيات، مسترسلًا: "كانت السياسية من الأول هي محافظة الدولة على الجيش الخاص بها من الموجة الأولى مرورًا بالثانية وصولًا بتوفير خدمة اللقاح".
يحكي طبيب رعاية الحالات الحرجة بالزمالة المصرية، أن الطب يوجد به أمراض أسوأ من كورونا مقاومة للمضاد الحيوي، وهو الأمر الذي جعله على مستواه الشخصي لم يُسبب له قلق، مُشيرًا إلى أنه على المستوى العام كان هناك تخوف بسبب عدم التعرف على طبيعة الفيروس، ولكن أكثر ما كان يقلقه هو أن يكون حاملًا للفيروس وينقله لأسرته ، رادفًا: "بمر حتى الآن بفترات تجعلني أُفضل أن أكون بعيد عن بيتي أكبر قدر ممكن متواجدًا في المستشفى"، مٌضيفًا: "بقائي في المستشفى يُفيد المريض ومن جهة أخرى ضمانًا لعدم نقل المرض لأهلي".
"هذا موعدي ولم ننتظر تجارب الغير"، يقول الدكتور عبدالمنعم في حديثه لـ"القاهرة24"، إن اللقاحات خضعت لتجارب وبناءً عليها تم مداولتها بين مختلف البلاد، مردفًا: "مع حفاظ الوزارة على أطبائها، قامت بتوفير اللقاح لنا، وهذا في حد ذاته يجعلني أوافق على الخدمة"، مُشيرًا إلى أن هناك أزمة في اللقاحات على مستوى العالم، ومع وجود سُبل لتوفيرها وتحديد مستشفيات العزل كفئة أولى، قال: "الخطة بدأت بيا ولو ضيعتها مرجعش أدور عليها".
وبعد مرور عام على وجود فيروس كورونا، لا زال الأطباء المصريين والذين عددهم بالقطاعين الحكومى والخاص 212835 طبيبًا بحسب سجلات النقابة العامة للأطباء في مصر، هم الخطوة الأمامية وخط الدفاع الأول في المواجهة، إلى أن يكتب الوباء كلمته الأخيرة.