بخلاف منع أكل الملوخية.. كيف تعامل الحاكم بأمر الله مع المرأة؟
تحل اليوم ذكر رحيل الحاكم بأمر الله واحد من أكثر الحكام الذين حكموا مصر غرابة على مر التاريخ، حيث اشتهر حكمه بالمراسيم غير المعتادة والتي تصل إلى أن يحدد للناس ما يأكلون وما لا ياكلون، ولعل أشهرها منعه أكل الملوخية.
ومما يسجله التاريخ هو تعامل الحاكم بأمر الله مع المرأة بطريق غاية القسوة فقد أصدر أوامر، بمنعهن من التبرج، وألا يكشفن عن وجوههن في الطريق، أو يجتمعن في المأتم أو يسرن خلف الجنائز ، أو يزرن المقابر، أو يقمن بالغناء، أو يجتمعن مع الرجال في أماكن الفرجة ، أو يخرجن من دورهن بعد العشاء الآخرة ، وكان النساء يمتثلن لهذه القيود الجزئية المتتابعة ، ويقبلنها على مضض، في انتظار إلغائها أو التخفيف منها . بيد أن الأمور سارت على العكس كانت تتجه إلى التشدد في معاملتهن، والقضاء التام على حريتهن، ومحو أثرهن من الحياة العامة، وزادت قسوة الحاكم بأمر الله في معاملة النساء ووصلت ذروتها، فأصدر مرسوما بمنعهن من مغادرة دورهن والخروج إلى الطرقات بالليل والنهار، ويستوی في ذلك أن تكون المرأة شابة أو عجوزا؛ فاحتبس النساء في ظلام دورهن، ولم تر امرأة في الطريق ؛ ولم يستثن من ذلك سوى النساء المتظلمات للشرع، والخارجات إلى الحج، أو المسافرات اللاتي تضطرهن ظروف قاهرة إلى السفر، والقابلات، وغاسلات الموتى ، والأرامل اللاتي يبعن الغزل، وأن يكون خروج هؤلاء لمزاولة شؤونهن برقاع خاصة ترفع إلى القصر، وتصدر بها تصاريح يقوم بتنفيذها مدير الشرطة، ومنع النساء من دخول الحمامات العامة.
وترتب على ذلك، بحسب الباحث محمد عبدالله عنان في كتاب الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية، أن واختفت النساء بذلك من المجتمع المصري، وساد الانقباض والوحشة ، وأغلقت المتاجر التي تبيع السلع النسوية ، وساد الذعر بين النساء، ولزمن دورهن في روعة وخشوع.
من جهتهن حاولن النساء التظلم من هذا القرار، وذهبت الكثيرات منهن إلى القصر للتظلم ولكن دون إجابة بل حدث العكس وعوقبت كثير من النساء المخالفات بالضرب والحبس، وعوقب بعضهن بالموت ، وفي العام التالى، وبلغ الأمر أكثر من ذلك فمنع النساء أيضا على منعهن من التطلع من النوافذ والطيقان سواء كانت شابة أو مسنة، وكانت الشرطة في عهد الحاكم تنفذ هذه الأوامر بمنتهى القسوة والشدة.
محمد لطفي جمعة.. مترجم الحضارة الغربية والمنادي بمجانية التعليم
