“عشش البلينا” بسوهاج في طي النسيان.. وسكانها: “بناكل عيش ومشّ وبنشرب من الطلمبة” (صور وفيديو)
على الرغم من انتهاء المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، والبدء في رفع كفاءة وتطوير منازل قرى المرحلة الثانية بسوهاج، فإن عشش البلينا جنوبي المحافظة والتي تسكنها حوالي 15 أسرة بمتوسط حوالي مائة فرد، تفتقر لأبسط حقوق الحياة الآدمية، وهي كوب ماء نظيف وحجرة يأوي إليها أصحابها من برد وأمطار الشتاء وحرارة وأشعة الشمس صيفًا.
ويعيش أصحاب هذه العشش غير الآمنة بين خطرين محدقين، الأول موت أطفالهم دهسًا تحت عجلات السيارات والشاحنات المارة على الطريق الزراعي “القاهرة – أسوان” والتي تحدهم من الناحية الغربية، والثاني موت أطفالهم غرقًا في الترعة الفؤادية والتي تقع من الناحية الشرقية.
ليس هذا فحسب ما يُهدد أهالي العشش البسطاء الذين بالكاد يعيشون على تناول “العيش” و”المِش”، أو مساعدات أهل الخير من السلع والمواد الغذائية، حيث تهدد الحيَّات والعقارب الكبير منهم قبل الصغير بلدغات مميتة، قلَّما ينجون منها.
كاميرا “القاهرة 24” التقت سكان عشش البلينا لترصد معاناتهم.
في البداية: تقول “منى الضبع” (40 عامًا) ولديها 5 أبناء، إن لديها بنتًا 14 عامًا زوّجتها ولم تجهزها بأي شيء نظرًا لقلة ذات اليد.
وتضيف أن زوجها يعمل “أرزقي” باليومية، مؤكدةً أنها تعيش في هذا المكان غير الآدمي كما رصدته الكاميرا، منذ عشرات السنوات، مشيرة إلى أنها وأسرتها تعيشان على “العيش الحاف” و”المشّ” وتشرب المياه من طلمبة حبيشية، تستمد مياها من ترعة الفؤادية، كما أنها تعيش على مساعدات أهل الخير.
هاني رمزي وجدو.. حيل جديدة لمرشحي النواب بقنا لكسب دعم وتأييد الناخبين (فيديو)
وأوضحت السيدة الأربيعينية أن لديها طفلًا يبلغ 9 سنوات، ولا يستطيع الحديث مما منعه من الذهاب إلى المدرسة، مشيرة إلى أن قلة ذات اليد منعتها من عرضه على الأطباء.
وتروي فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا أنها تزوجت منذ عام وكان عمرها 15 عامًا ولم تفرح كأقرانها بليلة الزفاف نظرًا للظروف الصعبة التي تعيشها هي وأسرتها، مضيفة أنها على وشك الوضع وتحتاج إلى مبلغ ألفَيْ جنيه لإتمام عملية الوضع وليس معها منها جنيه واحد، مشيرة إلى أن زوجها “عامل يومية” ولا يستطيع تدبير ذلك المبلغ.
ويقول عم جابر، إنه يعمل “شيال” على باب الله، ولديه أسرة مكونة من 6 أفراد لم ينضم واحد منهم للمدرسة، موضحًا أن حياتهم في منتهى المأسأة، حيث يعيشون في بيت مسقوف من “البوص” والسرير الذي يمتلكونه من طين ومفروش بـ”الحصير” كما أن مأكلهم في الصبح “المشّ” و”العيش الحاف”، وفي طعام الغداء يتناولون “العدس”، ويكملون عشاهم “نوم” وفق قوله، لتستمر معاناتهم في اليوم التالي.
ويوضح أن أمامه ترعة الفؤادية وخلفه الطريق العام لمركز البلينا، مؤكدًا أن بعض الأسر تعرضت لحوادث كثيرة على هذا الطريق لاقترابه من الترعة، كما أن أطفالًا قد غرقوا في “ترعة الفؤادية” معبرًا أن “الموت جاي جاي لا محالة”.
من جهة أخرى تقول “أم حسن”، (52 عامًا) ولديها ابنان ومصروفهما على باب الله وليس لديهم أي شيء، إنها مريضة وستجري عملية ومن المقرر تغيير مفصل في قدمها.
وتوضح أن أهل الخير يقدمون لها مساعدات مالية من أجل المتابعة مع الأطباء، لافتة إلى أن ابنيها موجودان دائمًا على الكوبري في انتظار عمل اليومية.
وتشير إلى أنها تحتمي في فصل الشتاء من الأمطار والرياح بالذهاب إلى بيوت الأثرياء والاحتماء بها، مؤكدة أنهم على حافة الموت، موضحة أن أحد المسئولين تواصل معهم لبناء وحدة سكنية لهم، وتم نقلهم بالفعل ولكن عند ذهابهم وجدوا الشقق السكنية خالية من المياه والكهرباء ومن جميع الخدمات المطلوبة على حد قولهم.
وتضيف أنهم اضطروا إلى العودة إلى موطنهم مرة أخرى رافضين الذهاب لأي مكان آخر نظرًا لتعلقهم بموطنهم الذي يعيشون فيه منذ عشرات السنوات، متابعين أنهم في حاجة لأشد المساعدة ولكن عدم ترحيلهم لأى مكان آخر غير مكانهم.
وتحكي طفلة ذات 7 سنوات من العمر رافضة الظهور أمام الكاميرا، أنها تتعرض للتنمر في البيئة والمدرسة التي تذهب إليها نظرًا لظهورها في شاشات التلفاز والسوشيال ميديا المختلفة دون أدنى استجابة من المسؤولين ولا يطالُها سوى الضرر في حياتها بسبب ظهورها حيث يصفونها بـ”المتسولة”.
فيما يقول طفل (14 عامًا)، إن حلم حياته أن يصبح طبيبًا حتى يتمكن من معالجة ومساعدة أهله وكل الناس الذين يحتاجون إلى الخدمة.
ويضيف: “نفسي أكمل تعليمي لكن ما باليد حيلة بسبب عدم وجود المصاريف الخاصة بالدراسة”، لافتًا إلى أن حلم حياته أن يرى اللاعب “محمد صلاح” .
وتقول معمرة تبلغ من العمر 80 عامًا اسمها “سكينة” وتعيش وحدها وقد توفي زوجها ولديها ابن واحد ولكنه سكن بعيدًا عنها وتركها.
وتقول إنها تعيش على مساعدات وعطف الناس، مؤكدة أنها اقترضت من البعض مبلغ “300 “جنيه لشراء الأدوية الخاصة بها ولا تملك سدادها أو حتى شراء وجبة غذائية لها.
وحاول “القاهرة 24” التواصل عدة مرات مع محمد عبد السلام وكيل وزارة التضامن الاجتماعي لبحث هذه المطالب وعرض مأساة هذه الأسر، ولكن دون استجابة.